للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر جمل من أخباره]

وكان في رحلته وأول وروده الأندلس مقلا من دنياه، حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره، واستئجار نفسه مدة مقامه ببغداد فيما - سمعته مستفيضًا - لحراسة درب، فكان يستعين بإجارته على نفقته، وبضوئه [١] على مطالعته، ثم ورد الأندلس وحالته ضيقة، فكان يتولى ضرب ورق الذهب للغزل والانزال. ويعقد الوثائق.

فلقد حدثني ثقة من أصحابه - والخبر بذلك مشهور - أنه كان حينئذ يخرج الينا إذا جئنا للقراءة عليه، وفي يده أثر المطرقة رصد العمل، إلى أن فشا علمه، وشهرت تواليفه، فعرف حقه، وهمت به الدنيا [٢]، وعظم جاهه، وقربه الرؤساء وقدروه قدره [٣]، واستعملوه في الأمانات والقضاء، وأجزلوا صلاته؛ فاتسعت حاله، وتوفر كسبه، حتى مات عن مال وافر خطير، وكان يصحب الرؤساء، ويرسل بينهم، ويقبل جوائزهم، وهم له على غاية البر، فكثر القيل فيه من أجل هذا، وولى قضاء مواضع من الأندلس تصغر عن قدره، كأريولة وشبهها، فكان يبعث إليها


[١] وبضوئه: ا ط، وبضوء: ن.
[٢] وهمت به الدنيا: ا ن، وجاءته الدنيا: ط.
[٣] وقدروه قدره: ا. وقدروا قدره: ط، وقدروه وقدره: ن.