للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن حيّان: وكان صارمًا في حكمه، محمود الطريقة، عاقلا، عالمًا بمذاهب المالكية [١]، ذا عفاف ونزاهة، وبراءة [٢] من الريبة، وبعد همة. وفرط هيبة؛ فلقد كان في هذا الباب في مرتبة الخليفة، ولم يقدر [٣] أحد ينقصه منها قلامة - على اختلاف الدول، وحلول الفتن؛ إلى أن فارق الحياة - وهو أعلى الناس محلا.

وذكر أبو الخيار الشنتريني الداودي أبا العباس - وكان ما بينهما سيئا، فقال: أبو العباس وما أبو العباس؟ نظر في الفقه - على مذهب مالك، فأدرك طرفًا منه إلا أنه لم يستبحر في الحفظ، واكتسب بالدربة الحذق في الحكومة؛ وكان مع ذلك صليبًا، فهما، بعيدًا من المداراة [٤] حادبًا للناس إجلاله عن مذاكرته، فلاذوا من مناظرته بالتسليم والموافقة [٥]، وتحاموا سؤاله، إلا أن يبدأ من ذلك بشيء، وكان أكبر ما فيه عقله ورأيه.

[ولايته القضاء وخبره فيها مع العامرية وسيرته]

قد قدمنا أن الذي ولاه القضاء، المنصور بن أبي عامر، وكان من جملة أصحابه وخواصه؛ ومحله منه فوق محل الوزراء، يفاوضه في تدبير الملك وسائر شؤونه، لم يتخلف عنه في غزاة


[١] المالكية: ا ن، المالكيات: ا.
[٢] وبراءة: ا ط، وبراء: ن.
[٣] ولم يقدر: ا، لم يقدر: ط، لا يقدر: ن.
[٤] المداراة: ا، الهوادة: ط ن.
[٥] والمراقبة: ا، والموافقة: ط ن.