للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غزواته، ولا فارقه في ظعن ولا إقامة؛ وكذلك كان حاله مع ولديه المظفر، والمأمون بعده قد تيمنوا برأيه، وعرفوا النجاح في مشورته؛ وكان له داخل القصر بيت خاص به، يأتيه آخر النهار فيجلس فيه - إلى أن يخرج إليه ابن أبي عامر، فيفاوضه في جميع ما يحتاج إليه، وربما بات عنده؛ وبحسبها كانت حاله معه [١] في أسفاره، وكان حاط هذه الحال عنده بالنزاهة وخفة [٢] الوطأة؛ حتى قيل إنه ما سأله قط - على مكانته منه - حاجة لنفسه ولا لغيره بتصريح، مع كثرة ما انقضت على يديه من حوائج الناس، بل كان يعرض ما يحتاج إليه عرضًا كالمنكر أو المستحسن [٣]، بطرد [٤] البحث عنها؛ وكانت الصلاة والخطبة أيامه لإبراهيم بن الشرقي الحاكم، إلى أن فلج فجمعت مع القضاء لابن ذكوان؛ ولم يزل على هذا إلى أن هلك المنصور وولي ابنه المظفر، فزاده أثرة، إلى أن فسد ما بين القاضي وبين وزير الدولة عيسى بن سعيد، بسبب فسخ شراء ضيعة اشتراها عيسى من ولد ابن السليم السفيه، قضى ابن ذكوان بردها إلى السفيه وفسخ بيعه؛ فالتحمت بينهما العداوة، وتحيل [٥] عيسى في طلب ابن ذكوان


[١] معه: ا ن - ط،.
[٢] وخفة: ط ن، وحفظ: ا.
[٣] المستحسن: ا ط، بالمستحسن: ن.
[٤] بطرد: ا ط، فيطرد: ن.
[٥] وتحيل: ط ن، وعمل: ا.