فكُلِّم في ذلك. فقال: كان لي صديقاً، فأردت أن أخلص له في الدعاء، وأجتهد له. لأنه رُوي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنه فعل مثله فاقتديت به. وكان ابن الأغلب، قد فوض إليه النظر في الولاة والجباة، والعدل والولاية، وقطع المناكير. ومن سيرة ابن طالب فيما حكاه عنه أبو بكر المالكي: أنه جعل على أكتاف اليهود والنصارى، رقاعاً بيضاً. فيها: صور قرد وخنزير. وعلى أبواب دورهم ألواح مسمرة، فيها صورة قرد. وضيق على أهل القيروان في الملاهي.
قال بعضهم: كنت أنظر الى أبي العباس بن طالب، إذا تفرغ من القضاء بين الناس، قدم فوقف وحول وجهه الى القبلة، ثم بسط كفيه، فنظرت الى دموعه وهي تجري على خديه، ولحيته، وهو يقول: اللهم إن كان مني زلة أو هفوة أو أصغيت بأذني، الى خصم دون خصم، أو مالت نفسي الى خصم دون خصم، فأسألك أن تغفر لي ذلك، ولا تؤاخذني، ولا تنتقم مني. إنك على كل شيء قدير. ثم يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم، وينصرف. هكذا يعمل في كل مجلس. وكان يكتب على أحكامه: حكمت بقول ابن القاسم. حكمت بقول أشهب. ويقول: في البلد علماء وفقهاء، أذهب إليهم، فما أنكروا عليك، فارجع إلي. وكان يكتب القضية ويقول لصاحبها: أرها لكل من له علم بالقيروان. ثم ارجع إلي بما يقولون لك لأن يسألني الله عمن وقفت، أيسر علي من أن يسألني لم جسرت. قال ابن الحداد: كنت عند ابن طالب، فشهد عنده أبو العدل في شهادة، في عقد بدين، على رجل. فقال المشهود عليه: سله هل قبض منه شيئاً.