كان أصل محنته، أنه صلى على جنازة استؤذن لها. وقد حضر ابن أبي المنهال القاضي، حينئذ، بجنازة أخرى. كلم عليها. فصلى أبو بكر ابن اللباد. ومد رجليه. واستدبر القبلة. ولم يصلّ وراءه في جماعة منهم. فشق ذلك على ابن أبي المنهال، وأغرته به المشارقة فوجه وراءه جماعة منهم فلما دخل، قال له: اجلس. ثم عقد عليه محضراً بشهادة القوم، بفتحه بابه، وانتصابه للفتوى، والسماع، بخلاف مذهب أمير المؤمنين. وأنه يلبس السواد، ويخضب في الأعياد. فقال له أبو بكر: لمن أدعو؟ قال: لبني أمية. يلبسون السواد. وأراد فضيحته عند من حضر. ثم قال له أيضاً: بأن الخطبة لا تكون بأقل من خمسين رجلاً. وداري لا تحمل ذلك. ثم قال له: ومتى كان هذا: بعد صلاة الجنازة أو قبلها؟ فقال له ابن أبي المنهال: وأي حجة لك في ذلك؟ فقال: إن كان قبل الصلاة عليها، فقد غششت أمير المؤمنين، إذ كتمت عنه هذا. وإن كان بعدها، فأنت خصمي، ولا يقبل قولك. فأمر ابن أبي المنهال بسجنه. فجاء الغلام ليأخذ بيده، فانتهره، وقال: دع. أشهدكم أني محبوس. ومضى الى السجن. فوجد فيه المراودي. وكان سجن على سب النبي صلى الله عليه وسلم. فلما دخل الشيخ تلقاه. فأعرض عنه. فقال المراودي: والله إني لأبغضك قديماً.