قال القاضى: ولم أسمع من وصفه بهذا الوصف، سوى صاحب هذه الحكاية، ولعله كان فى مبتدأ أمره.
قال: فكنا نستفتى فنقول: أمضوا إلى القاضى، ونراعى ما يحكم به، فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم على واجبه وألطف، ثم تجنبنا الفتاوى فى تلك القصص، فنخاف أن نخرج اذا لم نفت، فنفتى، فتعود الفتاوى اليه، فيحكم بما يفتى به الفقهاء، فما عثرنا عليه بخطأ.
وتقدم اليه مرة ابن المنجم وابن النديم فى شيء كان بينهما، فقال له ابن المنجم: ان هذا يدل بخاصة له عند القاضي.
فقال أبو عمر: ما أنكرها، وانها لنافعة له عندي، غير ضارة لك، ان كان الحق له كفيناه مؤونة اجترائه، وإن كان عليه أسلمناه اليك، من غير استدلال له.
وذكر أقضى القضاة أبو القاسم الماوردى في أحكامه: أن ابراهيم ابن بطحاء كان محتسبا ببغداد، وأنه مر يوما على دار قاضي القضاة أبي عمر وقد ارتفع النهار، وقد كثر الخصم عند الدار ينتظرون خروجه، وقد حميت عليهم الشمس، فاستدعى حاجبه وقال: عرف القاضى بكثرة الخصم، وتأذيهم بطول الانتظار وارتفاع النهار، فيخرج اليهم يقضى بينهم، وإن كان عليه عذر، عرفهم، وكشف ما بهم من أذى، أو كما قال.
* وفى أيام القاضى أبي عمر قتل الحلاج، والقاضي أبو عمر هو الذي أفتى بقتله، بعد تقريره على مذهبه، وقيام الشهادات عليه بالحاده، فضرب ألف سوط، ثم قطعت يداه ورجلاه، ثم طرح جسده وبه رمق من أعلى موضع ضربه إلى الارض، وأحرق بالنار.
وفعل القاضي أبو الحسين، ابن القاضي أبي عمر أيام قضائه، بابن القراميد (٢٦) نحو هذا، وكان يذهب مذهب الحلاج.