للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكان الأمير، وإذا في المكان حصير نظيف كان يفرش له، فانتزعه ابن الحصار من تحته، ورمى به وراءه وقال: دونك حصير الأمير يا جاهل، فأما المكان فليس لك ولا له. ولم أحضركم إذ نسبتم المسجد، فأخذ يحط منه. فرفع الناس رؤوسهم، واستحيى الأمير، وأقبل يفنّد مؤذنه، فلما صلى جاء الى الشيخ، واعتذر له، وكان جار من النصارى من وجوه الخدمة، يقضي حوائجه، ومتى مرّ بدار الشيخ وقف به، فيهشّ إليه الشيخ ويدعو له، بأن يقول له: أبقاك الله وتولاك. أقر الله عينك. يسرّني ما يسرك. جعل الله يومي قبل يومك. لا يزيد على هؤلاء الكلمات. والنصراني يبتهج بذلك. فعوتب الشيخ في ذلك، فقال: إنما هي معاريض، عرف الله نيتي فيها، فأما قولي أبقاك الله وتولاك، فأريد بقاءه لغرم الجزية، وأن يتولاه بعذابه. وقولي أقر الله عينك، فإني أريد قرار حركتها بشر يعرض لها، فلا تحرك جفونها، وقولي يسرني ما يسرك، فالعافية تسرني وتسره. وأما جعل الله يومي قبل يومك، فيوم دخولي الجنة قبل دخولك النار. وتوفي رحمه الله سنة اثنتين وسبعين وثلاثماية.

[أبو عمر أحمد بن عيسى بن مكرم الغافقي]

قرطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>