قال محمد: أقمت عند مالك ثلاث سنين، ولا سمعت منه لفظاً أكثر من سبعمائة حديث. قال أسد: رأت أمي كأنَّ حشيشاً نبيت على ظهري، ترعاه البهائم فعبر لها بأنه علم يحمل عني والله تعالى أعلم.
[ذكر أخباره في رحلته]
قال أسد: لما خرجت من المشرق وأتيت المدينة فقدمت مالكاً وكان إذا أصبح خرج آذنه، فأدخل أهل المدينة، ثم أهل مصر، ثم عامة الناس فكنت أدخل معهم. فرأى مالك رغبتي في العلم، فقال لآذنه: ادخل القروي مع المصريين. فلما كان بعد يومين أو ثلاثة قلت له: إن لي صاحبين وقد استوحشت أن أدخل قبلهما فأمر بإدخالهما معي. وكان ابن القاسم وغيره يحملني أن اسأل مالكاً، فإذا أجابني قالوا لي قل له فإن كان كذا وكذا، فضاق علي يوماً وقال هذه سلسلة بنت سلسلة. إن كان كذا كان كذا. إن أردت فعليك بالعراق. فلما ودعته حين خروجي إلى العراق، دخلت عليه وصاحبان لي، وهما حارث التميمي وغالب صهر أسد. فقلنا له: أوصنا. فقال لي أوصيك بتقوى الله العظيم والقرآن ومناصحة هذه الأمة خيراً. فراسة من مالك فيه. فولي أسد بعدها القضاء. وقال لصاحبي أوصيكما بتقوى الله والقرآن