فاسترجع محمد وقال: يا أخى! بلغ منك هذا وأنا في الدنيا؟
وكتب له رقعة إلى صيرفى بعشرين دينارا، وقال: اشتر بها لأهلك ما يحتاجون.
ففعل الرجل، وأخبر بذلك ابن سحنون، فسر، ثم قال له: تقدر على السفر؟
قال: نعم، فكتب له كتبا، وقال له: تمضى بها إلى قسنطينة.
فمضى الرجل بها * وأوصلها إلى أصحابها، فأكرم، وأضيف، وأعطى ثلاثمائة دينار.
فظن الرجل أنها لمحمد بن سحنون، وأنه وجهه وراءها، فلما وصل إلى القيروان دفعها لمحمد بن سحنون، وأجوبة القوم، فقال محمد: إنا لله وإنا إليه راجعون، حال الناس!
فقال له الرجل: يا سيدى إن كان بقى شيء رجعت إليه أقتضيه لك فقال: ليست لي، انما هي لك، وما عهدناهم كذلك.
يستقلها له.
وفى حكاية أخرى أن رجلا من العراقيين كان يغرى به حتى قبل أصحابه، يشتمه علانية وسرا إذا وجده مع الناس، فشتمه يوما في أذنه وهو في أصحابه، فقال: نعم وكرامة، إذا تفرغت تقضى حاجتك.
وبلغ ذلك العراقيين، فاتهموا صاحبهم وأضاعوه، فشكا حاله إلى بعض الصالحين، فدله على محمد بن سحنون، فسار إليه، فأصغى إليه محمد أذنه، وهو يظن أنه يجرى على عادته.