فلما رأيت ذلك منه ابتدأت، بعد التسليم، فأنشدته:
لعمري لئن غال ريب الزما ... ن فينا لقد غال نفساً حبيبه
ولكنّ علمي بما في الثوا ... ب عن المصيبة ينسي المصيبه
فتفهم كلامي، واستحسنه، ودعى بدواة وكتبه. ورأيت بعد قد انبسط وجهه، وزال عنه ما كان فيه من تلك الكآبة، وشدة الجزع. قال نفطويه: كنت عند المبرد، فمر به اسماعيل بن إسحاق، فوثب المبرد إليه وقبّل يده، وأنشد:
فلما بصرنا به مقبلاً ... حللنا الحبسى وابتدرنا القياما
فلا تنكرنّ قيامي له ... فإن الكريم يجل الكراما
قال ابن الأنباري أنشدنا اسماعيل القاضي:
لا تعتبن على النوائب ... فالدهر يرغب كل عاتب
واصبر على حدثانه ... إن الأمور لها عواقب
ولكل صافية كدر ... ولكل خالصة شوائب
كم فرجة مطوية ... لك بين أثناء النوائب
وقال القاضي اسماعيل: ما عرض لي هم فادح فذكرت هذه الأبيات. إلا رجوت من روح الله ما يحل عقالي وينعم بالي. ثم تؤول عاقبة ما أحذره الى فاتحة ما أوثره. وأنشد بعضهم للقاضي اسماعيل:
من كفاه من مساعيه ... رغيف يعتريه
وله بيت يواريه ... وثوب يكتسيه
فلماذا يبذل العرض ... لنذلٍ وسفيه
ولماذا يتمادى ... عند ذي كبر وتيه