امتحن ابن معتب بعد هذا، على يد القاضي ابن عبدون، عدوه. وذلك أن ابن معتب كان لطيف المنزلة، سامي المكانة، يكتب إليه ابراهيم الى أخي في الإسلام، وشقيقي في المحبة. فتلاحى مع ابن عبدون، ووثق بمكانته من الأمير. فخذله ومكر به ابن عبدون. فأدخل رجليه في فلقه وضربهما حتى أدماهما. فكان أحمد بعد ذلك يقول: أرجو أن تكون هذه النازلة خيراً لي، إذ سلبت محبة ابراهيم بن الأغلب من قلبي. وكان ابن عبدون هذا، من كبار الكوفيين المتعصبين على المؤمنين. فامتحن على يديه جماعة من فقهاء المالكية، وأهل السنة. ضربهم ونكل ببعضهم، وأطلقهم، وأغرى الأمير ببعضهم. فقتل منهم: ابراهيم بن الدمني، وأبو القاسم مولى مهرية، وأحمد بن عبدو العطار، وغيرهم. ولما مات ابن معتب وشهد الناس جنازته، وباتوا على قبره، نظر ابن الأغلب ليلة الى من على قبره من الناس، وكثرة الشيوخ، وقال لابن عبدون: هذا الذي كنت تهون أمره عندي. أنظر ما عاقبه أمره.
[محمد بن سليمان بن سالم بن القطان]
أبو الربيع القاضي. يعرف بابن الكحالة. مولى لغسان. من أصحاب سحنون. سمع من سحنون، وابنه، وعون، والجفري، وابن رزين، وداود بن يحيى، وزيد بن بشر. ودخل المدينة، فحدث عن محمد بن مالك بن أنس، بحكايته عن أبيه. وأدرك موسى بن معاوية، ولم يسمع منه. سمع منه أبو العرب، وغير واحد.