للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحضر طعام رجل من أصحابه فلم يأكل [١] منه، فعتب فيه؛ فقال: رأيته يأكل طعام من لا يتحرى في كسبه، فلما رأيته ترك حلاله وأكل ذلك، أوجب عندى التنزه عن طعامه.

ولما رحل إلى القيروان ليسمع من أبي بكر بن اللباد، جاء بجرادق [٢] من شعير، فكان يفطر كل ليلة على واحد [٣]، ويشرب من بئر روطة، فلما فرغت [٤] جرادقه، انصرف ولم يشتر بها شيئا يؤكل؛ ولما جاءت فتنة أبي يزيد، واختلطت أملاك الناس في الغنم، ترك شراء الرق، فلم يكن يكتب فيه.

قال بعض أصحابه: سرت معه يوما وأنا أسوق دابة، فأخذت عودا من الطريق أصرفها [٥] به، فقال لي: أهو لك؟ قلت: لا، قال: ألقه، قلت: إنه عود ملقى؛ فقال: كان أصحابنا يرعون عن أخذ الحجر من غير أرضهم، قلت له: ان مالكا سئل في [٦] الحبل والعصا وما لا بال له، فقال له [٧]: صدقت، ولم يقل مالك أخذه خير من تركه؛ وأقل ما يتقى من ذلك، أنها تصير عادة لما هو أكثر منه.

قال [٨] بعض أصحابه: رأيت في المنام رجلا مشهورا بالفسوق، يرجم بحجارة من السماء، فذكرت ذلك لأبي إسحاق، فأقبل علي وهو مذعور، فقال له [٩]: سألتك بالله أنا هو - يكررها عليه حتى حلف له بالله أنه ما هو إلا فلان؛ فقال: والله ما أعلم أحدا أحق بذلك مني.

قال أبو القاسم: وكان أبو إسحاق ظاهر الحزن، كثير الدمعة، يسرد الصيام؛


[١] يأكل .. في كسبه: أ ط - م.
[٢] بجرادق: أ ط، بجراديق: م.
[٣] واحد، أ ط. واحدة: م.
[٤] فرغت: أ ط. فرغ: م.
[٥] اصرفها: أ. اضربها: ط م.
[٦] في: أ ط، عن: م.
[٧] له: ط - أ م.
[٨] قال: أ. وقال: ط م.
[٩] لي: ط، له: أ - م.