للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه بشيء لكلب أو هر [١] فلا يأكله، وربما عوتب في ذلك فيقول: الرقاد مع الكلاب على المزابل، وأكل خبز الشعير بنخالته [٢]، كثير لمن يرجو [٣] في الآخرة شيئا، وكان قوته الذي يأكله من الشعير يتولاه له رجل من إخوانه يحرثه في أرض حلال، وزريعة حلال ببقر [٤] حلال، فإذا أصاب فيما زرع أكثر من القوت، تصدق به، وقوته من الزيت من عند رجال صالحين، وكان لباسه أولا صوفا من موضع يعرف أصله، فلما تغيرت الأمور - يعني بالفتن - كان يلبس خرق المزابل، يجمعها فيغسلها [٥]، ويبطن بعضها على بعض، فيجعل منها شيئا في وسطه [٦]، وشيئا على ظهره، ويخيطها بمسلة من عظم غزال، وكان يتوطأ الرمل، وفي الشتاء، يأخذ قفاف المعاصر [٧] الملقاة على المزابل فيجعلها [٨] تحته، ويكسو بنيه [٩] كل واحد جبة صوف ولفافة على رأسه، فإذا بلغ أحدهم، اسقط النفقة عنه والكسوة، وقال له: لا أتقلد لك [١٠]، وكان وطاؤهم حصيرا خلقا قديما، وعند رؤوسهم الطوب، ومائدتهم جلد أضحية، ولقد مكث قبل موته نحوا من سبع سنين، لم يأكل خبزا، إنما يلقى الدقيق في القدر مع ما فيها، وكان إذا مشى أسرع حتى لا يكاد يدركه إلا من يجري.

قال بعضهم: لقيته يوما مهموما، فسألته: ما بالك؟ قال: ولم لا أكون مهموما والمنكر في داري؟ والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم: قلت:


[١] لكلب أو هر: أ ط. إلى كلب - مع إسقاط (أو هر): م.
[٢] بنخالته: م - أ ط.
[٣] لمن يرجو: أ ط، لمن كان يرجو - بزيادة (كان): م.
[٤] ببقر: أ ط. وبقرة: م.
[٥] فيغسلها: أ ط. ويغسلها: م.
[٦] في وسطه: أ. وسطه - بإسقاط (في): ط م.
[٧] المعاصر: أ ط. المعصرة: م،
[٨] فيجعلها: أ. يجعلها: ط م.
[٩] بنيه: أ ط. أهل بيته: م.
[١٠] لا أتقلد لك: أ ط. لا أتقلدك: م.