قال: ولما قدم الى القيروان، أتى على حمار عليه أكاف. فقام الناس إليه على أقدامهم. فقال: مكانكم رحمكم الله. إنما يقوم الناس لرب العالمين. ولما رأته امرأة على حمار وبردعة وستر، وحوله مشائخ القيروان، قالت: أنظروا أي قاض، وأي شكل. فسمعها. فقال لهم: والله لقد قلت لهم هذا. ومن الكتاب المعروف. ونقله أيضاً من خط القاضي أبي الوليد الباجي، قال سهل بن ابراهيم: كنا عند عيسى بن مسكين، نسمع منه. وكان يأتي في كل يوم شيخ نحوي، كان صاحباً له من عهد الصّبا، وكان عيسى لا يخرج، حتى يأكل. فجاء يوماً الى عيسى قبل خروجه. فعلم به، فدعاه. فقال الشيخ للرسول: قل له إني صائم. فقال: يقول لك تطوع أو واجب؟ فقال: بل تطوع. قال: فانهض معي. فلما رجع الشيخ، سألناه. فقال لي إن ثوابك في إدخال المسرة على أخيك المسلم بإفطارك عنده، أفضل من صيام يومك. فأفطرت معه. قلنا. فذكر لك قضاء هذا اليوم؟ قال: لا، ما ذكر لي. قال المؤلف رضي الله تعالى عنه. أما القضاء، فواجب. لابد منه. وإنما لم يذكره - والله تعالى أعلم - لعلمه أن ذلك ليس من خفي العلم الذي لا يظهر إلا ببيانه. وكان من سيرته في غير مدة قضائه: إنه كان إذا أصبح قرأ حزبه من القرآن، ثم جلس للطلبة، الى العصر. فإذا كان العصر، دعا بنته وبنات أخيه، يعلمهن القرآن والعلم.