فترك الشافعي ما كان فيه، وسمع الموطأ من مالك، وسرّ به مالك. ثم سار الشافعي إلى العراق، فلزم محمد بن الحسن وناظره على مذهب أهل المدينة. وكتب كتبه ورتب هناك قوله القديم، وهو كتاب الزعفراني.
[اقتداؤه بمالك واعترافه له]
قد تقدم في أخبار مالك كلام الشافعي فيه، وكثير من ثنائه عليه. وقال الشافعي مالك بن أنس معلمي. وفي رواية أستاذي، ومنه تعلمنا العلم، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم، وما أحد أمنّ عليّ من مالك، وعنه أخذت العلم. وقال: إنما أنا غلام من غلمان مالك. وقال: جعلت مالكاً حجة فيما بيني وبين الله. قال محمد بن عبد الحكم: لم يزل الشافعي يقول بقول مالك ولا يخالفه إلا كما يخالف بعض أصحابه، حتى أكثر فتيان عليه فحمله ذلك على ما وضعه على مالك، وإلا فإنه كان الدهر كله إذا سئل عن الشيء قال: هذا قول الأستاذ. قال القاضي هارون بن عبد الله الزهري: كان الشافعي معي بغزة، في منزل واحد. فكان يصنف كتبه بالليل، فقلت له: تتعب نفسك تسهر وتفني الزيت وتؤلف كتباً تخالف فيها مذهب أهل المدينة، من ينظر فيها؟