قال ابن حارث: ولما انصرف من رحلته، لزم الانقباض والنسك. فكانت تلك حاله الى سنة قيام مخلد بن كيداد، أبي يزيد، علي بني عبيد، فخرج معه علماء القيروان. فكان ممن خرج. فمات رحمه الله تعالى بباب المردية. قال القاضي: يريد ابن حارث بالمردية: المهدية. مناقضة لاسمها. الذي سماها به بنو عبيد. إذ كانت عش كفرهم. ودار ضلالهم. ووجدت أبا عمران الفقيه يكني عنها بالمهدومة: نظيراً لها. قال أبو الأزهر بن معتب: صحبته من سنة عشر الى أن توفي سنة ثلاث وثلاثين. وهو على حالته من الاجتهاد. قال أبو بكر بن سعدون: صام أبو الفضل عندنا رمضان. فكان لا يتعشى، حتى يصلي العشاء الأخيرة. يتنفل بين العشاءين. وكنت أتعاهده بالليل، فأجده قائماً يصلي. وكان لا يتوضأ إلا في البحر، ويبعد وذلك أنه كان شديداً في وضوئه، وطهارته. ورأى بعضهم السبائي يتوضأ، فتعجب من وضوئه، فقال: لا تعجب. لو رأيت وضوء أبي الفضل الممسي، ما عجبت من وضوئي. وأهدى له أبو الأزهر بن معتب بسوسة، كعكاً. عمل بسكر. فرده.
وقال أنا لا آكل سكر صقلية. لأنه من ضياع السلطان. قال أبو الحسن بن الخلاف: لما جعل على الملح القبالة بالقيروان. أرسلني أبو الفضل لأشتري له ملحاً من بعض القرى. ووجه مرة ليشرى له سلعة من السوق، فقال: لا تشترها من صاحب دكان. فيلزمنا الكراء بمقدار مقامها عنده. ولكن اشترها من المناداة.