قال محمد بن إدريس: بعنا لأبى بكر زيتا بثلاثين دينارا، ففرح بها، وأقبل يصبها من يد إلى يد، ويقول: زكوها، فوالله ما زكيت قبلها قط.
قال: ودخل على عبيد الله صاحب أفريقية، فأقبل عليه وقال: يا محمد، أنت منار بلدك في كم من العيال أنت؟
فأخبره * فقال: نفرض لك في بيت المال ما يكفيك من النفقة والكسوة وغيرها.
فقال: قبلت، ولكن تترك ذلك في بيت المال حتى أحتاج إليه؟ قال: وكانت له امرأة سليطة تؤذيه بلسانها، يحكى أنها قالت له يوما، يا زان!
فقال: سلوها بمن زنيت؟
قالت: بالخادم.
فقال: سلوها لمن الخادم.
قال: له.
فقال له أصحابه: طلقها ونحن نؤدى حقها.
فقال: أخشى إن طلقتها أن يبتلى بها مسلم، ولعل الله دفع عنى بمقاساتها (٨٤٦) بلاء عظيما.
ويقال: بل قال: حفظتها في والدها فإنى خطبت إلى جماعة فردوني، وزوجنى هو لله تعالى، وكان يفعل معى جميلا، أفيكون مكافأته طلاقها؟
وكان يقول: لكل مؤمن محنة، وهي محنتى.
قال ابن إدريس: شور رجل ابنته شوارا حسنا كثيرا، فعجب الناس منه، وحضره أبو بكر بن اللباد، فانصرف الناس يهنون صاحب الشوار، فقال أبو بكر له: لا أخلف الله عليك بخير، فقد أكمدت جارك، وعضلت ابنته، وخالفت سنة رسول الله ﷺ.