وجّهني الى الشيخ واصل بطعام، وقال لي: إما وصلت إليه هذه الليلة، أنت حر. وكانت الحصون لا تفتح بالليل. فشاوروا واصلاً، فقال: ما عليكم أن تفتحوا له، وتعتقوه. ففتحوا له. فإذا ببغل عليه حمل به دجاج وفراخ، وسنوسج وعجج، وحلو وجرادق، فمد يده الشيخ الى شيء منه. فأكله، ثم قال: اقسموا، جميعه. فقسموه فيما بينهم. وقالوا: إن تطعموه الشعير، ببقل البرية، فقد أطعمكم هذا الطعام الطيب. وقيل في مثل هذه الحكاية عنه: إن امرأة رأت في المنام قائلاً يقول لها: أخوك واصل جائع، فابعثي إليه بطعام. فقالت لعبدها: إن وصلت إليه، فأنت حر. وأتت مراكب للروم عند قصره، فأرادوا أخذ الماء، فمنعهم المسلمون. فلما آيسوا بسطوا الأنطاع واستسقوا فسقوا. فبلغ ذلك واصلاً. فاشتد عليه. وقال اللهم اهزمهم، واجعلهم نقلاً للمسلمين. فأرسل الله عليهم للوقت ريحاً شديدة، فكسرت مراكبهم، ورمت بهم الى البر. فغنمهم المسلمون. قال سعدون: قال لي واصل: مكثت أحد عشر سنة، أتعرف فيها حالي عند الله، كل ساعة. فما علمت أن الشيطان ظهر لي ولا ساعة واحدة، إلا في ثلاث خطوات، خطوتها في طريق. ثم عاد علي العلم ببركته. فرجعت وذلك أني كنت أمشي في طريق الساحل، فلما كان آخر النهار عارضني طريقان، أحدهما الى قرية رجل صالح، غني. والأخرى الى قرية رجل صالح، فقير. وهما صديقان لي.