للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة اغتسلت ودخلت المسجد، ونظرت فاذا أنا بالصفة التي أريت في المنام، واذا هو مالك بن أنس والناس حوله يعرضون عليه، فعرفت أنه الذى قيل لي في النوم أنه عالم الآفاق، فلزمته.

وقال أصبغ: قال ابن القاسم: حملت أحاديث المصريين، فوقع في نفسى طلب الفقه، فأتيت أبا شريح، وكان صالحا حكيما، فاستشرته وقلت: أردت أن أشخص الى مالك؛

فقال لى: ما أحسن الفقه، وان كان أهله يعتريهم الكبر، ولكن اطلب، فلأن توسد العلم خير من أن توسد الجهل.

قال: ثم نمت باثر ذلك، فرأيت في منامى كأن عقابا انقض على رأسى -وقال غيره: كأن بازيا رفرف على رأسه أو على حجره- فأخذه فنشر جوفه، فقال له قائل، لا تضيع جوفه، فان حشوه جوهر، وفي رواية: فجعلت أبتلعه حتى أتيت عليه، فعبر الرؤيا على أبي شريح - قال غيره: على رجل كان بصيرًا بالعبارة يقال انه زين بن شعيب - فقال: البازي سيد الطير، والجوهر العلم، هذا عالـ، هذا عالم أمرت أن تأخذ من علمه، وأن تأتيه.

وفي حديث أصبغ: العقاب سيد الطير، والعالم سيد الناس، ولئن صدقت رؤياك لتوتين علم عالم، فاتق الله يا عبد الرحمان. وأمرني أن أخرج الى مالك وألزمه، فخرج الى مالك فسمع منه ولازمه.

وفى رواية أنه قال له: لعلك حدثت نفسك بشيء من طلب العلم؟

قلت: نعم. قال: فمن ذكرت؟

قلت: مالك؟

قال: هو بازيك الذي صدت.