قدر ذات يده، في مؤونتها وقناعتها، حتى يبقى في يده ما يستغنى به، فإن كان له مال حلال اعتمد عليه وتفرغ للعبادة، وإن لم يكن عنده فعليه بكسب يده، فذلك أولى به من مسألة الناس، وإن كان مستغنيا عن الزوجة فتركها أحب إلي، وأكل أموال الناس بالمسكنة والصدقة خير من أكله بالعلم والقرآن.
قال سليمان: كان سحنون يركب بلجام حديد، ليس فيه فضة، وكان له برنس أسود يلبسه في المطر والبرد.
قال غيره: كان سحنون يجلس للسماع على باب داره، ونجلس نحن بالأرض، إلا من أتى منا بحصير، فإذا أتممنا قال: قوموا قيمة رجل واحد، فنفترق.
***
وقال عبد الجبار بن خالد: كنا نسمع من سحنون بمنزله بالساحل، فخرج يوما علينا وعلى كتفه المحراث، وبين يديه الزوج، فقال لنا: ان الغلام حم البارحة، فإذا فرغت أسمعتكم.
نقلت له: أنا أذهب وأحرث، وتسمع أنت أصحابنا، فإذا جئت قرأت على ما فاتنى.
ففعل. فلما جئته قرب إلى غذاءه: خبز شعير، وزيتا قديما.
قال حبيب: خرج علينا سحنون يوما وعليه برنس، وكان يلبس الشاشية والطويلة.
قال عيسى: كان سحنون، صمته لله، وكلامه لله، إذا أعجبه الكلام صمت، وإذا أعجبه الصمت تكلم.
قال ابن بسطام: دخلنا عليه في مرضه الذي مات فيه، وعند رأسه حقيبة، وما في بيته إلا الحصير.
قال غيره: قيل له: يا أبا سعيد، كيف يسعك أن تترك الطلبة وحاجتهم إليك، وتخرج إلى البادية فتقيم بها الشهور الكثيرة؟