وكان شديد البرّ بوالدته. ذُكر أنه كان له أخ، قد اشتدت به الحال في بعض السنين الشديدة. فشكا إليه ضعفه. فتوجع له ودعا وانصرف الى أمه. وذكر لها ما به. وقال لها: أتيت الفقيه أخي، فما زاد على الدعاء. وانصرف أبو ابراهيم آخر النهار وقد اتّجر في سوقه، وباع كتّاناً ربح فيها ما اشترى به قوته: ربع دقيق، وثُمن زيت. فجاء بذلك الى داره، فاستقبلته أمه وعاتبته على منع أخيه من مؤاساته. فاعتذر لها بقلة ذات يده، وأنه ما كان يملك إذ جاءه، قطعة يواسيه بها. وما اشترى ما اشترى إلا من كتان باعه. فقالت له: سخطي عليك، لتحملن ما جئت به على رأسك، الى دار أخيك. تكفّر ردك له، ففعل. وراوده الحكم على أن يأتيه بابنه أحمد، وهو يومئذ صغير، وأظهر له حب ذلك. وعزم عليه فيه. فقال: يا أمير المؤمنين أما الآن فلا يصلح لذلك. والآن: أراه ميتاً - وهو واحِدي - أحبّ إلي من أن يقول الناس هذا الشيخ المرائي، استجلب بولده دراهم السلطان. فأعفاه الحكم من ذلك. قال تلميذه، وقريبه قاسم بن أرفع رأسه: تركني أبي، وإخوتي في حجر أبي ابراهيم. فكفلنا وربّانا وعلّمنا. ففتح الله عليّ ببركته. فلم يكن في قلي أحد أعظم منه لي. كنت يوماً خارجاً الى صلاة العصر، إذ فتح بابه، فإذا به ورائي، يريد مثل ما أريده. فتوقفت حتى لحقني. فسلمت عليه. فردّ عليّ مغضباً، وقال لي: يا قاسم، قط ما كان هذا تقديري فيك. فيا ليتني ثكلتك، ولم أرك صنعت ما