يصلي فتارة يبكي يبيت ... ويطوي الليل بالأحزان دأبا
فلما وصلوا، تحرك وبكى. ثم قرأ قارئ:" يا عبادي لا خوفٌ عليكمُ اليومَ " الآية. بل الآيات الثلاث. فصاح صيحة شديدة. ثم سقط على وجهه. فأقام ساعة، وأسنده إنسان بصدره، وكُلم فلم يتكلم. ثم أغلق عينيه، ثم قاء شيئاً أخضر. فلما انقضى المجلس بالدعاء، أردنا أن نحمله على دابة. فلم يستطع، إذ كان لا يثبت، فجئنا بمحمل على جمل، فحمل، وأخرج من المسجد يبكي، كأنه نائم. وحمل في شق الجمل. وزامله ابن عم له. ثم أتي به داره. فقاء شيئاً أخضر، ولم يتكلم. وتركناه لنسائه. فلما كان بعد العشاء الأخير، توفي. رحم الله تعالى. ولم يتكلم. ولم يفتح عينيه. وأغلقت الحوانيت كأنه يوم عيد. وحضرت غسله، وقد كسي نوراً وبياضه لبدنه. وصلي عليه العصر. صلى عليه حمديس القطان. وفات كثيراً من الناس الصلاة عليه، لكثرتهم. ونودي على جنازته: أيها الناس لا تفوتكم جنازة أحمد بن معتب شهيد القرآن. قال بعضهم: إن ابن معتب، مر ذلك اليوم، في طريقه الى مسجد السبت، بدار. فسمع فيها غناء. فقرع الباب فخرج إليه صاحب الدار، فاستأذنه في الدخول، فاستحيا صاحب الدار، واعتذر. فقال لابد فدخل صاحب الدار قبله. وغيّب ما كان بين أيديهم من شراب. ثم أذن له، فدخل وسلم. فقال: من المتكلم؟ فقالوا هذا.