وكان لا يسلك على القناطر التي بناها أصحاب السلطان. وحضر مرة مع ابن عبدون القاضي، فأوتي بجنازة، فصلى وراءه القاضي ابن عبدون. ثم أوتي بأخرى، فصلى عليها القاضي، فلم يصلّ وراءه حمديس. فمضى القاضي ابن عبدون الى ابن الأغلب. فأنفذه. فشاور في ذلك بطانته. فقالوا: ليس لك شيء تصل به إليه، إلا أن تنهاه بأن لا يجتمع إليه أحد. فأوصى بذلك إليه. فقال حمديس: لا أمنعهم. المساجد لله. ولما أمنع أحداً من دخولها. وأنت أقدر. فاجعل على باب المسجد من يمنع من أراد منعه. قيل لابن عبدون: ولا يمكنكم هذا. فوجه إليه: يدخل إليك من تشاء. فقال حمديس: لا أمنعهم، ولا أتركهم. ثم عزل ابن عبدون. فاجتمع الناس إليه، لطلبه الشهادة عليه.
عند الأمير، ما خلا حمديساً. فإنه لما سأله الأمير، قال له: بلغني ما بلغ الأمير. ثم تنحّى عنهم الأمير بمكان، يسمع كلامهم. فقالوا لحمديس: ما منعك من الشهادة. فقال إنما كنتم تطلبون عزله، وقد عزل. ثم عاد الأمير، فسأله، وقد ظن أن أصحابه يردونه. فقال أكذب نفسي على لساني. وقد كان لا يرى الصلاة مع ابن عبدون. ولا أداء الشهادة عنده. ونهى الناس عن ذلك.