قال ابن عتّاب، قال محمد بن حارث، وذكره في كتاب القضاة فقال: فحاز من تقدمه عفة وحياء وفضلاً، وانقباضاً. ورامه الناصر، عندما ولاه قضاء البيرة، أن يصرف إليه أمانة كورها، حسبما كانت بيد أخيه قبله، فأبى، وألحّ عليه الناصر، فاستعفى من ذلك فأعفاه من الأمانة. وتفرّد بالقضاء والنظر في الأحباس، فأدنى الضعيف وثبت في الحكم، وتحفظ من شهود زمانه، وتواضع في أمره، وتعفف. فلم يقبل لأحد تحفة، ولا هدية. قال محمد بن يحيى: كان أبو عيسى جليل القدر، عالي الدرجة في الحديث، حمد الناس أحكامه، وجميع أحواله. وكان من سراة الناس، حسن المركب والملبس والهيئة والصورة، كريماً، يطعم الطلبة إذا أتم مجلس مناظرته من ثمار بستانه، وينتظم للأكل، فإن فضل شيء دفعه الى الغرباء، يحملونه الى منازلهم. وقال لهم: تستعينون به في أدامكم. وكان أبو عيسى لا يرى القنوت في الصلاة. ولا يقنت في مسجده البتة. ويحتج بالحديث الذي رواه عن عبيد بن يحيى عمّ أبيه، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، عن ابن شهاب: إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لقوم ويدعو على آخرين، ثم أتاه جبريل عليه السلام، فقال: