إلا الشطّار. وكنا نعجب من ذلك. فلما دخل الشتاء وغيّر الناس زيهم، لم يغيّر الشاب زيّه. فقال لنا الشيخ: أظنه مقلاً. ويجب تفقّد حاله، فبادر الناس، فجمعوا له ماية مثقال، وعقدها الشيخ في خرقة حمراء. وقال لأحد أصحابه: أرصد الشاب. فإذا قام من الحلقة، تدفعها إليه وتقول: جمعها لك الشيخ من وجه طيب. فلما خرج الشاب من الجامع تبعه رسول الشيخ، حتى أتى القرافة، فدعي لصلاة على جنازة. فتقدم. فلما سلّم أخذ الرسول بطرل ردائه، فانفتل إليه، فأدى إليه رسالة الشيخ وسلامه، ودفع إليه الصرة. فقال له: وما هي؟ قال دنانير. فقال الشاب: ما لي أهل يحتاجون إليها ولا صديق. فألحّ عليه الرسول، وهو يمشي معه. حتى قربا من المقطم، فلما خشي فواته، قبض عليه. فقال الشاب: يا هذا أما علمت أن لله تعالى عباداً، لو شاءوا أن يجعل لهم الحصى دنانير لفعل؟ وحرّك شفتيه، قال الرسول: فنظرت الى الصحراء دنانير، فتركت يدي منه، وحثوت بيديّ جميعاً في الأرض حرصاً على الدنيا، فوقع في يدي دينار أطلس بلا كتابة. وتعلق الفتى بالجبل، وفاتني. وانصرف حيران، فلما بصرني الشيخ، قال لأصحابه: أرى الصرة سقطت منه. فحكيت له الحكاية وأريته الدينار، فقبّله ووضعه على عينيه، وفعل الناس كفعله. ثم كان عند الشيخ حتى مات، وأدرج في أكفانه. رحمه الله تعالى.