القطعي فلا يترك لما توجبه غلبة الظنون، وإلى هذا رجع أبو يوسف وغيره من المخالفين ممن ناظر مالكاً وغيره من أهل المدينة في مسألة الأوقاف والمد والصاع حين شاهد هذا النقل وتحققه، ولا يجب لمنصف أن ينكر الحجة هذا، وهذا الذي تكلم عليه مالك عن أكثر شيوخنا ولا خلاف في صحة هذا الطريق، وكونه حجة عند العقلاء وتبليغه العلم يدرك ضرورة، وإنما خالف في تلك المسائل من غير أهل المدينة من لم يبلغه النقل الذي بها.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب ولا خلاف بين أصحابنا في هذا ووافق عليه الصيرفي وغيره من أصحاب الشافعي كما حكاه الآمدي، وقد خالف بعض الشافعية عناداً، ولا راحة للمخالف في قوله أن ما هذا سبيله فهم وغيرهم من اهل الآفاق من البصرة والكوفة ومكة سواء إذ قد نزل هذه البلاد وكان بها جماعة من الصحابة ونقلت السنن عنهم والخبر المتواتر من أي وجه ورد لزم المصير إليه ووقع العلم به، فصارت الحجة في النقل فلم تختص المدينة بذلك وسقطت المسألة في حق غيرهم لكن لا يوجد مثل هذا النقل كذلك عند غيرهم فإن شرط نقل التواتر تساوي طرفيه ووسطه وهذا موجود في أهل المدينة ونقلهم الجماعة عن الجماعة عن