فقلت له فيم يعلم القوم مكاني بك. فأجابني. فانتهيت إليهم فأعلمتهم، فلما كان وقت التعريس قام وقمت معه إلى القوم، فوجدت أشهب قد مدّ أنطاعه وأتى من الأطعمة بأمر عظيم، وصنع ابن وهب دونك ذلك. فسلم ابن القاسم وقعد ثم أدار عينيه فإذا بسكرجة فيها دقة، فأخذها بيدها بيده فحرك الأبزاز إلى ناحية ولعق من الملح ثلاث لعقات، وهو يعلم أن اصل ملح مصر طيب. ثم قام وقال بارك الله لكم. قال سحنون: فاستحيت أن أقوم. فتكلم أشهب وعظم الأمر. فقال ابن وهب: دعه. قال أبو الفضل مولى نجم: كان ابن القاسم يأكل في الشهر عشرين مداً من دقيق بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان فقيهاً عابداً. قال غيره: لأنه كان رد قوته إلى ثلث مد من شعير في اليوم. وذكر أن رجلاً من أهل العلم والخير قدم من العراق وأراد الاجتماع به فأتاه رجل في ذلك فوعده وقتاً لذلك، فلما استنجزه قال ابن القاسم: إني نظرت في ذلك فرأيت أنه يدخله المباهاة يتزين لي وأتزين له. دعني من ذلك وكان المصريون يقولون للكوفيين: اذكروا أخلاق سفيان، وتذكروا أخلاق ابن القاسم وأشهب حتى أفسدوا ما بينهما، وحلف أشهب بالمشي إلى مكة أن لا يكلم ابن