وكتب إليه المعتصم يأمره بأخذ الفقهاء بالمحنة فاستعفى من ذلك. فكتب ابن أبي دؤاد إلى أبي بكر الأصم يأمره بأخذهم بذلك. فكان رأساً في ذلك يحمل الناس فيها، فكان هارون يقول: الحمد لله على معافاتي مما ابتلي به غيري. فذكر أنه نال علماء مصر في ذلك محنة عظيمة. وإن ابن عبد الحكم الكبير ضرب بالسياط، وضرب بنو عبد الحكم كلهم، وامتحنوا.
وامتحن الأصم أيضاً أبا الطاهر وأبا جعفر الإيلي، ويحيى بن بكير وأبا إسحاق الفريقي، وأبا راشد، وضرب ظهره بالسياط. وجعل على حمار وجهه إلى ذنبه، وطيف به. وضرب ابن كاسب، وعبد الله ابن زيد بن ظبيان، وقابوس ابن أبي ظبيان وغيرهم. وأجابه بعضهم تقية. وكل من أجابه تركه، ومن أبى عليه، بعثه إلى العراق، إلى ابن أبي دؤاد، وفرّ جماعة على وجوههم، منهم ابن المواز. واختفى آخرون. منهم أصبغ بن الفرج، فلزم داره. وذكر الكندي: أن المأمون لما أخذ الناس بالمحنة في القرآن، كتب إلى أمير مصر، يأخذ به القاضي هارون، فزعم أنه أجابه وأنه كان لا يقبل من الشهود إلا من أقرَّ به. وذلك تقية، والله أعلم، وامتثالاً لما أمر به، ويدل على أنه تقية استعفاؤه من الأمر بعد ذلك وامتحانه على يد هذا الأصم المذكور، وما تذكره بعد