فقال لهم: كلهم قد أصاب. وجميع ما قررتم أحسنه، والخبرة تكشف الحيرة والامتحان يجلي عن الإنسان، فلما حطّ رحله ولقي الناس شاع خبره. فقصد إليه كل ذي علم يسأله عن فنّه، وهو يجيبه جواب متحقق. فعجبوا من ثبوت علمه، وقصدته طائفة من المتفقهة، وقد أعدوا له مسائل من الحجج، لا زالوا يقتنصون بها متفقهة الأندلس، ففطن لمرادهم، وكان عهده بعيداً بمطالعة كتب الحجج. فلما فاتحوه بها أخر مجلسهم واعتذر بقيامه فيما لابد للغريب منه، ووعدهم لغد يومه، وأتى رحله وسهر ليلته، على مطالعة مسائل الحجج حتى أحكم النظر فيها. فلما كان من الغد تهافتوا عليه، وألقوا عليه صعابها، فأجابهم عنها جواب عالم. وذكر أنهم أخذوا عنه، وعطلوا حلق علمائهم. قال ابن وضاح: كنت عند الخزامي، فقيل له ابن حبيب، سمع التاريخ. فقال حفظه الله، أبا مروان فإنه يثني عليه ذكر ابن حارث أن ابن المواز أثنى عليه بالعلم والفقه وقال ابراهيم بن قاسم: يقول رحم الله عبد الملك لقد كان ذاباً عن قول مالك، وإن خالفه في البعض بما يسوغ إلا الحق. ولا أخذ إلا بالصواب. وقال العتبي: وذكر الواضحة: رحم الله عبد الملك ما أعلم أحداً ألف على مذهب أهل المدينة تأليفه، ولا لطالب أنفع من كتبه ولا أحسن من اختياره. وقال محمد بن أبي زيد في صدور النوادر. وذكر اختيار سحنون وأصبغ وعيسى وابن عبدوس، وابن سحنون، وابن المواز، وقال: وليس يبلغ ابن حبيب في اختياره وقدره رواياتهم مبلغ من ذكرنا.