وَقد أَنْعَمْتُ شرحَ هَذَا فِي بَاب اطِّرَادِ الْإِبْدَال فِي الفارسية وَمن ذَلِك (الدَّلْوُ) يذكر وَيُؤَنث قَالَ الشَّاعِر فِي التَّذْكِير:
(يَمْشِي بِدَلْوٍ مُكْرِب العَراقِي ... )
وَقَالَ أَيْضا فِي التَّأْنِيث:
(لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَعَرِّقْ فِيهَا ... )
والدَّوْلُ لُغَة فِي الدَّلْوِ والقولُ فِيهَا كالقَوْلِ فِي الدَّلْوِ وَمن ذَلِك (القِمَطْرُ) يذكر وَيُؤَنث قَالَ الشَّاعِر فِي التَّذْكِير:
(لَا عِلْمَ إِلَاّ مَا وَعاهُ الصَّدْرُ ... لَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ حَوَى القِمَطْرُ)
وَقد يُقَال بِالْهَاءِ قِمْطَرَةٌ وَمن ذَلِك (القَلِيبُ) يذكر وَيُؤَنث قَالَ الشَّاعِر:
(إِنِّي إِذا شَارَبَنِي شَرِيبُ ... فَلِي ذَنُّوبٌ وَله ذَنُوبُ)
(وإنْ أبَى كَانَت لَهُ القَلِيبُ ... )
وَالْجمع أَقْلِبَةٌ وقُلُبٌ وَإِنَّمَا أَذْكُرُ الْجمع فِي هَذَا الْجِنْس الَّذِي يذكر وَيُؤَنث لأرِيكَ استواءَهما فِي الْجمع واختلَافهما وَأما الطَّوِيُّ - وَهُوَ الْبِئْر المطوية بِالْحِجَارَةِ فمذكر فغن رَأَيْته مؤنثاً فَاذْهَبْ بتأنيثه إِلَى الْبِئْر وجمعُه أطْواءٌ وَكَذَلِكَ النَّقِيعُ - الْبِئْر الْكَثِيرَة المَاء مُذَكّر وَكَذَلِكَ الجُبُّ - وَهُوَ الْبِئْر الَّتِي لم تُطْوَ مُذَكّر وَحكي عَن بَعضهم أَنه يذكر وَيُؤَنث وَجمعه جِبَبَةٌ وأَجْبَابٌ وجِبابٌ وَمن ذَلِك (الذَّنُوبُ) وَهِي الدَّلْو الْعَظِيمَة تذكر وتؤنث قَالَ الراجز فِي التَّذْكِير:
(فَرِّغْ لَهَا مِنْ قَرْقَرَى ذَنُوباَ ... إنَّ الذَّنُوبَ يَنْفَعُ المَغْلُوبا)
وَقَالَ آخر فِي التَّأْنِيث:
(على حِينِ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيْهِ ذَنُوبُه ... يَجِدْ فَقْدَها وَفِي المَقَامِ تَدَابُر)
وَالْجمع ذِنَابٌ وذَنَائِبُ والذَّنوب الَّذِي هُوَ النَّصِيب مُشْتَقّ مِنْهُ وَهُوَ مُذَكّر وَفِي التَّنْزِيل: {وإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُ , اذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أصْحَابِهِم} [الذاريات: ٥٩] قَالَ عَلْقَمَة:
(وَفِي كُلِّ حَيِّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمَةٍ ... فَحُقَّ لِشَاشٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ)
وَمن ذَلِك (الخَمْرُ) تؤنث وتذكر والتأنيث عَلَيْهَا أغلب وَمَا أنثت فِيهِ من الْأَشْعَار كثير وأسماؤها كلهَا مَوْضُوعَة على التَّأْنِيث كَمَا أعلمتك فَأَما قَول الْأَعْشَى:
(وكَأَنَّ الخَمْرَ العَتِيقَ من الإِسْفَنْطِ ... ممزوجةٌ بماءِ زُلَالِ)
فقد يكون على تذكير الْخمر وَقد يكون من بَاب عَيْنٌ كَحِيلٌ قَالَ أَبُو حَاتِم وأَبِي الأصمعيُّ إِلا التَّأْنِيث فأنشدتُه هَذَا الْبَيْت فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ وكأَنَّ الخَمْرَ المدامةَ مِلاْسْفِنْطِ فَحذف نون فِي الإدراج قَالَ وَتلك لُغَة مَعْرُوفَة مَشْهُورَة يحذفون النُّون من من إِذا تَلَقَّتْهَا لامُ الْمعرفَة وَأما قَول الْعَرَب لَيست بِخَلَّةٍ وَلَا خمرةٍ فَإِنَّهُم يذهبون إِلَى الطَّائِفَة مِنْهَا كَقَوْلِهِم سَوِيقةق وعَسَلَةٌ وضَرَبَةٌ وَقد قَالُوا مَا هُوَ بخِلٍّ وَلَا خَمْرٍ - أَي لَا خير فِيهِ وَلَا شَرّ عِنْده