للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

باسمها ليخرج له صاحب البيان (كليشتها) على نفقته ولكن السيد البرقوقي. المسلم الأزهري كما يقول. كان يعرف دخيلة الخبيث ويعلم مستقبل صحيفته وغرضه من إظهارها. فلم يشأ أن يعينه على أعراض الناس. أو يشجعه على النيل من مقدرة الأكفاء. ولذلك رفض سؤله ولم يبض له بدرهم واحد. فأسرها في نفسه. ورأي الناس منه بعد ذلك في حق مكرمه ما رأوا.

هذه ترجمة حياة هذا الشاب مفصلة. لم نرد أن نمسكها. إشفاقاً على أخلاق قراء صحيفته. ولا سيما طلبة المدارس. من عدوي هذا المتشنج المحموم. الذي لا يكتب كلمة مديح إلا ليسأل الممدوح. ولا يرمي بالكلمة العوراء إلا وهو فاغر فاه من الجوع. والذي يدعي أن به نعرة دينية. والحقيقة أنها نعرة (معوية!). فلا بدع إذا قرف هذه المجلة الشريفة المبدأ. الشريفة الجيب، بقبول الأجور. فهو على حد قول المتنبي:

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدق ما يعتاده من توهم

على أني أقول أن السيد البرقوقي لا يستطيع أن يكفل فوق الإنفاق على المجلة وإدارتها ومطبوعاته ومشروعه. أبطال العالم ثمن طعام الجائعين. وإنقاذ المنكودين. والمحرويين. فليغضب هذا السباب وليسخط. وليشتم وليصرخ. فإن أفشل الأشياء أجهرها صوتاً.

ذلكم هو السباب الذي يود أن يكتسي من سبابه بعد عري. ويشبع بعد مسغبة. وينتعش بعد متربة ولو شئنا أذاه لقلنا كلمة واحدة تسرع بقلم المطبوعات إلى تعطيل صحيفته. وإلقائه في غيابات السجون. ولكنا لا نحب أن نقطع عنه مرتزقه، ولا نود أن نغلق في وجهه باب عيشه. وإن كنا لا نرى الركون المطلق. ولا التزام المجاراة المطلقة. وإنما نعرف كيف نزع كل سفيه. ونرد كيد كل كائد. ونرغم أنف كل مكابر وإنا لفاعلون.

غيور

(البيان) جاءت إلينا هذه الكلمة من ناحية كاتب مخلص. حدا به إلى كتابتها صدقه وغيرته على الأخلاق والأعراض إذ رأى تحت سماء مصر بلد المضحكات.

وماذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا

نوعاً غريباً من عجائب المخلوقات. ذئاباً في جلود أناس. قد حشروا أنفسهم غصباً واقتسارا بين جماعة الصحفيين. وأبت عليهم خستهم ولؤم غرائزهم. ونضوب معينهم من العلمز