للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم المواعيد العريضة من تأييد (البيان) وشد أزره، (والاشتراك) في أمره، ولولا التقي لقلنا على طبله وزمره. . . ثم ما شاء الله من قليل وكثير على هذه الوتيرة مما لو صح بعضه واستقام بعضه وفسد الباقي لرأيت (البيان) يدور حول الأرض دورة فلكية مع الشمس في أفق ومع القمر في أفق ولكن متى يستقيم الظل والعود أعوج؟.

ولو أن صاحب مجلة عربية (كالبيان) يجمع مثل هذه الكتب بعضها إلى بعض لقد كان يجمع منها مؤلفاً ضخماً وافر الحشد ممتلئاً من حساب نعمته وثروته، ولكن من ذا الذي يسره أن يجمع على نفسه مع الخسائر التي تذهب عليه حساب هذه الخسائر بالتواريخ والأسماء. . .؟.

تلك هي الصفة التي تسع القراء جميعاً ولا تضيق إلا على صاحب المجلة وحده، وأما الذين يختلفون فيه فأصناف كثيرة إذا نحن مخصناها جميعاً لم نجد زبدتها غير فئة واحدة هي التي يقوم بها العلم والأدب، وهي التي تمثل الروح والمبدأ، وهي التي تمشي بالحاضر إلى المستقبل، وهي التي يضرب بها قلب الأمة وينبض لها نبض التاريخ، وهي طائفة الفضلاء الأجواد التي (يأكل) سائر المشتركين على (حسابها). . .

والفرق بين هؤلاء وهؤلاء أن الفاضل لا ينفك أبداً يعمل على أن يزداد به الفضل وأن يزداد هو فضلاً فلا يدع مجلة أو صحيفة مرجوة الفائدة إلا اشترك فيها (دافعاً) لا مدافعاً ليعين أصحابها على تهيئة المزاج التاريخي الصحيح للأمة، وليكون عاملاً لنفسه مع نفسه ولأمته مع العاملين لأمته. وهو لا يشعر من طبعه بهذا الحس ويعتقد في نفسه هذا الواجب إلا إذا كانت سامي الأخلاق عالي النفس بعيد الهمة. فإن الأخلاق لا غيرها هي التي يشعر بها المرء أنه قطعة من أمته فتأبى له نفسه أن يكون قطعة من تلك القطع الرنة البالية التي تتمزق بكل سبب واه من الأسباب الاجتماعية لأنها أو هي منه فيكون مرآها في الأمة دليلاً ظاهراً من أدلة العدم. وهو يأنف من ذلك ويدعه لمن لا نفس له إلا النفس الحيوانية، تلك التي لا تحس المعاني والعواطف، والتي نعرفها في كثير من قومنا في بعض أدبائنا أيضاً، والتي هي أقوى ما تكون حين تكون في الجلود السميكة. . .

هذا الطائفة - طائفة الفضلاء - هي رأس مال العلم والأدب في كل أمة. وما الربح إلا بنسبة رأس المال كثيرة وقلة، وقد ترى أن صاحب المجلة العربية يستنفد وسعه في الإنفاق