للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نحن نعتقد أن قراء (البيان) خاصة هم في الجملة خلاصة الأمة وإن أكثرهم من ذوي الإحساس الشريف المتفضل فليس في مصر مجلة كبرى غير (البيان) وليس في العربية وآدابها مجلة تسد مسده، ومن أجل ذلك لا يكون عجيباً أن نعد من قراء البيان خلاصة الأمة، بل يكون عجيباً أن لا نعدهم، وما خلاصة الأمة إلا ذوو العقول والإحساس فيها.

غير أننا نعلم أن أكثرهم يستهين بأمر الاشتراك استخفافاً منه بالقيمة لضعفها في بذل يده وكرم نفسه وسخائه وأريحيته فقليلاً ما يجد من تلقاء نفسه باعثاً على المبادرة بها فلا يزال على ذلك ناسياً مستخفاً. وبعضهم على وفائه وشرف نفسه لم يألف بعد نظام الأمم الراقية في معونة صحفها وادخار قيمة الاشتراك مما ينفقون، واعتبارها مما لابد من إنفاقه على أنها من غذاء العقل ومن مؤنة التاريخ الذي تعوله الأمة كلها، فإذا جاء وقتها لا تستأخر عنه ساعة وكانت حاصرة في يد صاحب المجلة أو الصحيفة فلا تنقطع مادته ما بقي في عمله ولا يفتر في عمله ما بقيت مادته وبهذا ينصرف عن الفكر في القراء إلى الفكر فيما يرضيهم، وعن العمل في الطلب منهم إلى العمل في الطلب لهم، فلا يجد في نفسه ما يضطرب له ولا يعدم من نفسه بعد ذلك الحزم في النية وإنما الأعمال بالنيات.

هذان صنفان من قراء (البيان) وكان عندنا ثالث هو الذي لا يحس ولا يستحي ولا يبالي، وكان في عملنا كأنه عضو أشل فبترناه بتراً، وحذفناه حذفاً وطمسنا على آثاره طمساً، وما هو إلا شر لاحق، أو بلاء متلاحق، ولأن نتقدم خفافاً خير من أن نتأخر ثقالاً، ولأن تكون العدة على الأدب فئة قليلة ثابتة خير من أن تكون فئة كثيرة منهزمة.

ونحن نعلن أنه لم يبق للبيان من قرائه غير من يعتز بهم ويستند إليهم ويعتمد بعد الله عليهم من أديب سنى، وفاضل سري، وكريم سخي، غير أننا نسألهم متأدبين سؤال ذي رجاء وثقة، وذي محبة ومقة، أن يذكروا أطال الله بقاءهم أن قيمة الاشتراك ليست من ضرائب المواريث والتركات وأن يعرفوا وقاهم الله أنها ليست من ديون بعض المرابين، وأن يحفظوا أسعدهم الله أنها ليست أموالاً في التجارة، وأن يستيقنوا أغناهم الله أنها ليست مما يشق على أحد أن يجمعه، ولا يفقره أن يدفعه، ولا يغنيه أن يمنعه بل هي على قلتها مادة (البيان) وأساس نظامه، والذريعة إلى تمامه، وهي كل ما نستوجبه على القراء ولا تكاد تفي ببعض حقهم علينا من تحسين المجلة وإتقان موادها وتوفير أصنافها واطراد