للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السبيل! ومصداق ذلك أن خير ما كتبت. وأجود ما ألفت. والشيء الذي أنا جدير أن أفخر به وأتيه هو مقالتي في موضوع قواعد الأعمال الإنسانية وهو كتاب ما قرأته قط امرأة ولن تستطيع فهمه امرأة أبداً. ولماذا يسوءني أن أروح صفر اليد من النساء وليس عندي مصايدهن. وما لي أزرع الشوك وأنتظر العشب وأبذر القتاد وأرجو التفاح. لقد محت الفلسفة من ذهني الحب وأباد الفكر الهوى. وجبهتي المكفهرة هذه المقبلة على الحكمة والحق إنما هي الصخرة الصماء قد تحطمت عليها سفينة الغرام في ملتطم أمواج الفكر وطامي عباب الرأي والذكرى ومع ذلك فإني لآسف على حرماني ملاذ الهوى ومطايب تلكم المواقف! وتذهب نفسي حسرات وأنفاسي زفرات. فدهري مأتم وعمري مناحة وقلبي فريسة وجفني لطول التهطال غمامة. وقلمي لترجيع البكاء حمامة ونهاري من اسوداد الحداد دجى وليلي من اضطرام اللوعة ضحى. وكذلك قضيت أربعين من عمري أتلهف على نعيم العشق ولا أعطاه. وأشتاق طيب وصال ولا أملاه. وأتمنى وجه حبيب ولا أراه. حتى من به الله بعد الأربعين. ولكن مالي أشكو هذه الأربعين وأتهمها بالخلو من نعمة الجمال والحب إذا كان هذا الوجه الحسن الجميل المشرق المنير يعكس أضواءه على ظلمة تلك الأربعين حتي يرى وجه ماضي وهو من الفرح الجديد والحزن القديم مبتسم في دموعه.

ثغور ابتسام في ثغور مدامع ... شبيهان لا يمتاز ذو السبق منهما

إني في ذكرى انفليس في لذة لا توصف. وطرب لا يكيف وكأنما يخفق حوالي نور أرجواني. وضياء وردي وكأنما يهب في الحجرة صبا الغرام ونسيم الحب. وكأنما إذا نظرت إلى صورة الحبيبة تلك التي رسمتها بيدي توامضت على الرقعة أشعة ذهبية كعهدي بها يوم كنت أنقشها. وكأنما ينبت في ثرى نفسي أزهار الأمل والسرور كعهدي بها أول ما نبتت. فاذكر العصور الأول وتكر الاويقات السالفة راجعة. وتزدحم على داري السنين الخالية وتقرع الباب وتدخل. وكأني بمتحف اللوفر ثانياً. وكأن شمس أوسترلتز لم تغرب وكأنها لا تزال تشرق في قلبي وكأن فتى المجد وابن الفخار لم يمت وكيف وإنه ليحيى بين جنبي وسويداء مهجتي وكأني في شرخ الشباب وميعة الصبا وكأن الروض قد عاود زخرفه وأخذت الأرض زخاريها وعاد في السماء قزح وكأني أبصر بالعين أذيال