للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال كلا أنا أشد تواضعاً من أن أطمح إلى مثل ذلك. ومن لي بأن أرى الرجل الذي يجرأ على إدعاء هذه الدعوى! أنا لا أنكر أنه قد يتأتى وجود جمعية تسمي نفسها جمعية علم الحشرات فأما الفرد الذي يدعي لنفسه ذلك فهذا لعمري دعى محتال وكاذب دجال، إنه محال يا سيدي أن يوجد الفرد الذي تسميه بحق عالماً حشرياً إذ علم الحشرات، أوسع نطاقاً وأبعد مدى من أن يحيك به فرد.

قلت وبي من أثر قوله ولهجته نوع من الهيبة هل لي أن أسألك يا سيدي ما موضوع دراستك من هذا العلم؟.

قال لقد قصرت مطامعي وحبست أيامي على مذاكرة باب الخنافس لا كل أصنافها - بل الخنافس الأصلية، وحسبك بهذا الباب درساً طويلاً يستنفد العمر المديد ليله ونهاره في البحث والفحص والمذاكرة فسعني إن شئت الخنفسي أو الجغرافي والثانية أولى. وقصاراي يا سيدي أن أفعل ما استحق به هذه التسمية.

وكان بيننا شاب فلكي يقضي زمنه بين المريخ والزهرة، بمعزل عن هذا العالم الأرضي، فدعانا ذات صباح إلى غشيان مرصده في ليلة صافية الأديم ساطعة الأفلاك، فكلنا أجاب الدعوة إلا صاحبنا الجغرافي فسألته عن السبب فقال:

كثرة العمل يا سيدي - بحث علمي لا يسمح لي بالنظر إلى الكواكب ولو كلمح البصر.

قتل حقاً؟ وهل لي يا سيدي أن أسألك عن موضوع ذلك البحث؟.

قال مع مزيد الارتياح يا سيدي. وأنه لم أهم الأبحاث وأصعبها وهو تحقيق ماهية الحشرة الطفيلية بيدوكيولوس ميليتا التي تركب ظهور النحل. .

يا للعجب العجاب! أيكون في هذا الكون شيء أعجب من هذه الدنيا، حقاً إن هذا العالم لفي جنة أيها الناس هاكم إنساناً مثلي ومثلكم يدعى إلى مرصد تدني له فيه بدائع السموات وروائع الأفلاك فيمنعه من انتهاز هذه الفرصة اشتغاله بحشرة دنيئة مما يركب ظهور النحل أما والله لا بد لي من نظرة في مجهر ذلك الجغرافي لأنظر هذه الحشرة التي تشغل من ذهنه ولبه مالا يشغله مشهد النجوم الباهر. وموكب السماء الفاخر.

قلت أتبيحني نظرة في مجهرك أتبين بها هذه الحشرة الطفيلية؟.

عند ذلك نشط الجغرافي وارتاح لي وهش واكتست عيناه نظرة إنسانية وسربل محياه