للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثالثة أن يشهدوا بأهميتها العظمى، ويطالب معارضوها وأعداؤها بشرف اكتشاف تلك الأهمية. ولقد جازت آراء جوستاف لوبون هذه الخطوات الثلاث، وكان انتشارها سريعاً جداً، ولم تمكث معارضة العلماء لها زمناً طويلاً، بل أخذها جماعة من مشهوري العلماء الكيماويين وأعادوا عمل التجارب التي عملها جوستاف لوبون، وتوسعوا فيها، ومن بين الجماعة السير ويليم رامزي أشهر مشهوري علماء إنجلترا، ووضع كتاباً له قال فيه أنه وقفه على إعلان الأبحاث التي قام بها لتحقيق التجارب المذكورة في كتاب الدكتور جوستاف، ولم تخالف نتيجة أبحاثه آراء صاحب المذهب الجديد إلا في شدتها وجرأتها.

والكتاب منقسم إلى قسمين قصر في القسم الثاني على تفاصيل تجاربه الكيماوية، وفي القسم الأول الكلام عن أبحاثه ونتائجه وآرائه، وبذلك تسهل على سواء القراء مطالعة الكتاب، والقسم الأول مجزأ إلى أبواب فالباب الأول عنوانه الآراء الحديثة في المادة، وهو مقسم أيضاً إلى فصول نريد أن نلم هنا بما يسعنا ذكره منها، وفي الأعداد القادمة نسترسل في بسط جميع أبحاثه للقراء:

بدأ الدكتور الكلام في نظرية انحلال المادة فقال إن المادة قابلة للانحلال وإن انحلالها يغيرها إلى أشكال أخرى تفقد فيها كل صفاتها وخصائصها الأصلية. وإن الأدلة على ذلك كثيرة اليوم، ونخص بالذكر جعل ذرات المادة تتفرق وتنبعث بسرعة شديدة تصير الهواء موصلاً للكهرباء، وتحترق كل الموانع التي تقف في سبيلها، ولما لم يكن في القوى التي عرفتها الكيمياء الحديثة ما يستطيع أن يحدث هذا الفعل، ولاسيما الانبعاث الذي تقرب سرعته من سرعة انبعاث الضوء، فقد أخذ العلماء الكيماويون يضعون نظريات عديدة لشرح كيفية ذلك، لفلم تفلح واحدة منها، ولم يقف في وجه كل نقد أو معارضة إلا نظرية تفريق الذرات التي وضعها الدكتور جوستاف لوبون منذ بدأ أبحاث مذهبه الجديد، فهي بذلك قابلة لتصديق الجميع عليها.

وقد مضت أعوام كثيرة منذ أثبت الدكتور عملياً أن المفعول الذي يشاهد في الأجسام التي تسمى المحدثة لفعل الراديوم مثل عنصر الأورانيوم ولم يعرف غيره من قبل من الممكن أن يشاهد في جميع الأجسام المادية وليس هناك تفسير لهذا المفعول إلا أنه نتيجة انحلال ذرات هذه الأجسام، وإن الأجسام المحدثة لفعل الراديوم لا تدل إلا على أن لها درجة في