للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وملاب صباي. وجل مسراتي من مائك تولد تولد الحبب استدار فانفقاً، واستنار ثم انطفأ. وما زلت منذ طفولتي أعيث بتيارك أيها البحر ويعبث بي فإن طغا منك العباب فأرهب. وكما لجك الزخار فأرعب. فيا طيب ذاك من رعب وحبذا تلك رهبة. وماذا مخافتي إياك أيها البحر وإنما كنت كبعض سلالتك وبنيك أخلد لك وأسكن. وأطمئن إليك وأركن. وأمسح بيدي يا شبيه الأسد الزؤور. والليث الهصور. لبدك المتكاثقة كما أفعل الآن وسلام عليك.

اليوجنية

للفاضل سلامة موسى

علي أثر القنبلة التي قذف بها داروين في كتابه أصل الأنواع سنة ١٨٥٩ انبعثت مخيلات الفلاسفة والكوبويين (أي طلاب الكمال الإنساني) تمرح في مضاربات شتى عن مستقبل الإنسان. فإن داروين قرر أن الإنسان حيوان تجري عليه نواميس الطبيعة كما تجري على الطلب والفأر والقرد.

وإذا كان الناس قد استأنسوا الفرس والثور والكلب ونزعوا عن هذه الحيوانات وغيرها وحشيتها القديمة بعدما أحثدوا فيها كفاءات جديدة فخليق بالحكومات أن تنظر للأمم بالعين التي نظر الناس بها للحيوان فتضع أمام عينيها معياراً للكفاءة الإنسانية فتستحث الأكفاء وتجازيهم على التناسل وتمنع أو تعرقل الزواج بين غير الأكفاء بأية طريقة.

إن الإنسان خلق كفاءات جديدة بين الحيوان فإنك ترى بين البقر الآن ما تكفل لصاحبها أكثر من رطل زبد كل يوم على حين أن البقرة الوحشية لا تزيد كمية الزبدة الموجودة في لبانها عن ثلث رطل في اليوم ولم يصل الإنسان لهذه النتيجة في البقر إلا بعد انتخات طويل ومراقبة دائمة بين ذكور البقر وإناثه. فكان كلما لاحت له بقرة كبيرة الضرع كثيرة اللبن استولدها وحفظ نسلها.

وبين الخراف الآن ما يكاد يعد معملاً لعمل الأصواف. فلا يكاد يجز صوفه حتى ينبت جثلاً طويلاً. وبينها ما تكبر البته وتتدلى إلى الأرض حتى يستعصي عليه المشي. وبين الخنازير ما يتناههي في السمن حتى ليقع ويلزم مكانه فلا يستطيع حركة ما فيتغذى وهو راقد كأنه نبات.

فالإنسان الأول وجد بعض مزايا في الحيوانات التي استأنسها كالصوف في الغنم والزبدة