للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في البقر والشحم في الخنزير فعمل على استيلاد هذه الحيوانات واستبقاء كل ماله قدر كبير من هذه المزايا وإفناء غيره. حتى أصبحت حيواناتنا الداجنة بعيدة الشبه عن أخوانها المتوحشة، بل بلغ اهتمام الأمر المتمدينة باستيلاد هذه الحيوانات أنها أنشأت أنواعاً جديدة لم تكن موجودة قبلاً.

مثال ذلك ما فعله مربو الكلاب الإنجليزية من إنشاء الكلب المعروف بـ بول تربر فإنه نتيجة الانتخاب الصناعي بين الكلب المعروف بـ بول دوج وتربر وقد أصبح الآن نوعاً قائماً بذاته.

بل بلغت قدرة مربي الحمام أن أحدهم يراهن على أن يوجد بعد عامين أو ثلاثة نوعاً يكون ريش قوادمه محبراً أو منمتماً على شكل مخصوص فيسعى لذلك باستيلاد ما هو أقرب إلى غرضه ولا يزال مجداً حتى يصل إلى غرضه.

فإذا كان مربو الدواجن يفعلون ذلك بالحيوانات يراقبون تلاقحها وينظرون إلى نسلها فينتقون وينفون حسب رغائبهم فما ضرنا أن نستعمل هذا الانتخاب بين الناس؟.

كذا يقول اليودجنيون. فاليوجنية هي علم تربية الشعوب وتأصيلها حتى يرقي الإنسان ويخطو نحو الكمال.

والرأي قديم تكلم عنه فلاسفة اليونان ومن أقوال أحدهم المسمى ثيوجنس إن الناس يعنون بتأصيل الخيول أكثر مما يعنون بتأصيل أنفسهم فلا يسمحون للهجين من الخيل أن يلقح كراثم الأفراس مع أنهم يسمحون لكل هجين من الناس بالزواج.

وقد قام غلتون الإنجليزي بعيد وضع داروين لنظريته وألف كتاباً عن اليوجنية استقرى فيه مدى انتشار العبقرية الإنجليزية مهما كان نوعها فوجد أن الكفاءات العالية تتوارث أباً عن جد على الرغم من نوع الوسط الذي ينشأ فيه الإنسان. وارتأى من ذلك أن العمدة في الكفاءات على الوراثة أي على ما يرثه الإنسان من أبويه لا على نوع التربية التي يربى عليها أو الوسط الذي يعيش فيه.

ومع ذلك قال بضرورة ألا تتزاوج العائلات الأصلية إلا من عائلات في مرتبتها نسباً وأصالة حتى يبقى الدم نقياً لا يشوبه أدنى هجنة.

وفي العالم المتمدين الآن مجلات يوجنية تستقرى نواميس الوراثة وتحض الحكومات على