للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحت رعاياتهم من أصل العائلة أو من العبيد. واجتمع أرباب العائلات من بعد وكونوا المدائن وصاروا يتشاورون فيما بينهم في أمرها. وأدى هذا الاجتماع إلى خروج بعض أفراد من العائلات ممن ثقل عليهم حمل سلطة رب الأسرة وكونوا جماعة الشعب الغير المتمتع بالحماية. ووجودهم وتعدد الأسر استلزم قيام سلطة مركزية للنظر في مصالح الجميع. وكانت هذه السلطة أغلب الأحيان في يد ملك مطلق أو حاكم مستبد، وقيام هذا الملك أو الحاكم من شأنه أن يستعد جماعة الأشراف أرباب العائلات. فيقوم من بينهم الأغنياء وينفقون من أموالهم ويتهددون مدينيهم ويصلون من ذلك للتسلط على الشعب تسلطاً استبدادياً. ويلجأ الملك للشعب فيقوم الشعب ثائراً ويعاونه بعض الأغنياء ممن انفصلوا عن جماعة الأشراف أو ممن جاءتهم ثروتهم من طريق الاتجار. هنالك يجرد الأشراف من حقوقهم ويخذل الملك وتقوم حكومة الشعب اسما وإنما يتمتع بها في الحقيقة جماعة الأغنياء الذين نصروه. فإذا كان الأشراف قد وصلوا إلى حالة الضعف المطلق سارت الأمور إلى ناحية المساواة العامة. أما إن كانوا قد حفظوا شيئاً من القوة سواء بثروتهم أو باستحياء الشعب منهم أو بأي سبب آخر رجعت الخصومات حتى تنتهي أغلب الأمر إلى حكومة استبدادية. لكن هذه الحكومة قصيرة العمر أغلب الأحيان كذلك. ومن بعدها تسير الديمقراطية في تقدمها نحو الارتقاء الاقتصادي والفكري.

هذه الملاحظة العامة التي تنقل عن المسيو كروازيه صادقة عند التطبيق على الأمم القديمة وهي صادقة كذلك في قسمها الأخير فيم يتعلق بالأمم الحديثة وسيرى القارئ ذلك حين كلامنا عن ظهور الفكرة النيابية وتطورها في إنكلترا وفي فرنسا.

أما عن الزمن القديم فنكتفي بذكر تطور الحكومة في روما وآثار الفكرة النيابية فيها بعد أن تجيء بكلمة عن الحياة السياسية في البلاد العربية.

ـ ٢ ـ

كانت العرب قبل الإسلام قبائل تجمع كل قبيلة منها عصبية العائلة وترجع إلى جد واحد يكون هو أبا العائلة الأول. وكان لكل قبيلة رئيس يرجعون إلى رأيه ويخضعون لحكمه. وكان هذا الرئيس عالي المكانة بينهم عظيم الشأن مسموع الكلمة. فلما جاء الإسلام أخذ يجمع تحت لوائه أشتات هذه القبائل المتفرقة ويضم له ما تآلف منها وما تنافر ويوفق بينهم