للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما قدم محمد صنع له عمرو طعاماً ودعاه فلم يأكل وقال هذه تقدمة الشر لو جئتني بطعام الضيف أكلت فتح عني طعامك وأحضر لي مالك فأحضره فأخذ شطره فلما رأي عمر وكثرة ما أخذ منه قال لعن الله زماناً صرت فيه عاملاً لعمر والله لقد رأيت عمر وأباه على كل واحد منهما عباءة قطوانية لا تجاوز مأبض ركبتيه وعلى عنقه حزمة حطب، والعاص بن وائل في مزررات الديباج فقال محمد أيها يا عمرو فعمر والله خير منك وأما أبوك وأبوه فإنهما في النار. ولولا الإسلام لألقيت معتلفا شاة يسرك غزرها ويسوءك بكؤها قال صدقت فاكتم على قال أفعل.

قال الربيع بن زياد الحارث كنت عاملاً لأبي موسى الأشعرى على البحرين فكتب إليه عمر بالقدوم عليه هو وعماله وأن يستخلفوا جميعاً فلما قدمنا المدينة أتيت يرفا حاجب عمر فقلت يا يزفا مسترشد وابن سبيل أي الهيأت أحب إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عماله فأومأ إلى بالخشونة فاتخذت خفين. مطرقين ولبست جبة صوف ولنت عمامتي على رأسي ثم دخلنا على عمر فصفنا بين يديه فصعد بصره فينا وصوب فلم تأخذ عينه أحداً غيري فدعاني فقال من أنت قلت الربيع بن زياد الحارث قال ما تتولى من أعمالنا قلت البحرين قال كم ترزق قلت ألفا قال كثير فما تصنع به قلت أنفوت منه شيئاً وأعود بباقية على أقارب لي فما فضل منهم فعلى فقراء المسلمين قال لا بأس ارجع إلى موضعك فرجعت إلى موضعي من الصف فصعد فينا وصوب فلم تقع عينه إلا على فدعاني فقال كم سنك قلت خمس وأربعون فقال الآن حيث استحكمت ثم دعا بالطعام وأصحابي حديث عهدهم بلين العيش وقد تجوعت له فأتى بخبز يابس وإكسار بعير فجعل أصحابي يعانون ذلك وجعلت آكل فأجيد وأنا أنظر إليه وهو يلحظني من بينهم ثم سبقت مني كلمة تمنيت لها أنى سخت في الأرض فقلت يا أمير المؤمنين إن الناس يحتاجون إلى صلاحك فلو عمدت إلى طعام ألين من هذا فزجرني ثم قال كيف فقلت يا أمير المؤمنين أن تنظر إلى قوتك من الطحين فيخبز قبل إرادتك إياه بيوم ويطبخ لك اللحم كذلك فتؤتى بالخبز ليناً وباللحم غريضاً فسكن من غربه فقال أههنا عرب قلت نعم فقال يا ربيع إنا لو نشاء إلانا هذه الرحاب من صلائق وسبايك وصناب ولكن رأيت الله نعى على قوم شهواتهم فقال أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ثم أمر أبا موسى بإقراري وأن يستبدل بأصحابيث.