للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اليوم عمله. اندفعت إليه ولكني ما كدت أدفع في هذا الصدع الضيق حتى هبت ريح هوجاء جعلتني أهتز وأترنح وأميد وأنا أنساق مع الريح إلى الأمام. وكانت طيارتي تسير بسرعة شديدة تقرب من ١١٠ كيلو مترات في الساعة ولكن قوة الريح جعلتها تقطع ضعف هذه السرعة ولم أنشب أن فقدت كل تدبير وصرت أميل مع الريح كالورقة في الرياح المعصرات. فآونة أعمد إلى هذا الجناح. وأونه إلى ذاك وكنت أرى الأرض تحتى تطوي طي السجل للكتب وكانت المراكز التي في طريقي حيث ينام العمال الذين يعملون في النفق والخط الحديد. ترسل إلى بعضها الأبناء البرقية تنبيهاً لها بمقدمي وممري، وقد علمت أني كنت أقطع ٣٥٠ كيلو متراً في الساعة.

وكنت أنسل في طباق السماء كالبرق الخاطف مصطدماً في كل حين بطبقات الغيم وركام السحائب هذا والصدع يأخذ في الارتفاع والتطاول، حتى صرت كأني في درب مسدود يشق عنده الهبوط ويستحيل لدنه الارتفاع والتحليق فتبينت أن ختام الرحلة قد آن، وإن قد أزفت الأزفة. ليس لها من دون الله كاشفة. وإن الموت مني قاب قوسين أو أدنى. ولكني حمدت الله إن لم أصحب معي رفيقي. بل جعلته يجتاز دروب الجبل وإذا بثغرة في السحاب قد انشقت وفرجة في الغيم قد انجلت. فانبعثت أطير فيها حتى بلغت مكاناً أشبه في شكله (بالقمع) متوجاً أعاليه بالسحب وانفتح في الجهة اليمنى صدع جديد. آتياً من صوب البحر الأبيض تلتقي عنده ريحان متناوحتان قد نشأ من تناوحهما. دوامة هوائية جعلت منها اهتز وأميل.

ومضت بضع دقائق. وأنا لا أعرف ماذا أصنع والطيارة منطلقة بسرعة ٢٥٠ كيلو متراً. ولمحت أخيراً على جوانب الجبل. وقد اكتست ثوباً سندسياً من العشب. مكاناً فضاء منكشفاً، فيممته مواجهاًَ الريح وأنا أؤمل أن سرعة الزوبعة وسرعة الطيارة سيتوازنان ويتعادلان وذلك ما حدث ولكن ريحاً أخرى هبت من تلقاء البحر الأبيض انحرفت بي وانعطفت. وجعلت أهبط بسرعة ١٠٠ كيلو متر في الساعة. وارتميت على جانب الجبل على مقربة من الموضع الذي اخترت لهبوطي واصطدمت بشجرة هناك فحطمتها تحطيماً وسقطت بطيارتي على خمسين متراً من الموضع.

حتى إذا أفقت من غشيتي. وجدتني لا أزال في مكاني. قابضاً على سيور طيارتي وازائي