للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في التنفير من الاختلاف في الثروة. ولكني لم أر بلداً قلت فيه الفروق وندر فيه النفور بين الناس غير اليابان. فكلهم مهذب. وكلهم مؤدب. ولا حاجة هناك إلى مركبات تعد لركوب السيدات خاصة. حتى يكن في نجوة من أية خشونة محتملة الوقوع من الرجال. بل ترى في السفر السيد الياباني والسيدة اليابانية يتخاطبان دون تكلف لعبارات التأدب المصطنعة. بل يتكلمان كأنهما من أسرة واحدة. من غير غلظة أو قحة. حتى إذا افترقنا تبادلا التحية وسار كل في سبيله.

واليابانيون بأسرهم يعرفون القراءة والكتابة. وهم بقرضون الشعر جميعاً. وقد قامت في أثناء الحرب الأخيرة جمعية أخذت توزع على الجند والمجاهدين في سوح القتال غلفاً محتوية بعض جوارب ورسائل و (فرش) للأسنان وتبغ وحلوى. وكانوا يكتبون على كل غلاف اسم المهدي. فكان الجندي المتقبل للعطية يشكر مهديها ببضعة أبيات من الشعر.

والياباني في نظر الغربي الذي لم تسبق له به صحبة يظن غليظ الطباع غضوباً ولكنه لو تعرف له وصاحبه رأى منه رجلاً محبباً بشوشاً كريماً ومثال ذلك أنه في محط من محاط السكة الحديد وقفت قاطرة بجانب الأخرى وكانت حجرات الدرجة الأولى للقاطرة الأولى بإزاء حجرات الدرجة الثالثة للقاطرة الأخرى. وكان في الأولى سفر من الغربيين وكان في الثانية ركب من عامة اليابانيين. وكان الفريقان ينظرون إلى بعضهما شذراً متجهمين. ولكن لم يلبث أن لوح بغتة أحد الغربيين بيده إلى طفل ياباني بين المسافرين في القاطرة الأخرى وابتسم له وعلا وجهه علائم البشر. وإذا بوابل من التحيات قد اندفع من اليابانيين. وما لبثوا أن تبادلوا باقات الزهور وطاقات الرياحين.

الأرمادللو

لعمري أن أمريكا لعجيبة في كل شيء حتى في حيوانها. هذا هو الأرمادللو كما يسميه الأسبان، حيوان عجيب، له غطاء عظمي فوق ظهره يتألف من أطواق تختلف في عددها وكثافتها باختلاف أنواع الأرمادللو، وهذا الحيوان يتغذى من الجذور والحشرات والديدان والأفاعي والعظام والنمل والرمم، وأغلبها وإن لم يكن كلها من الحيوانات الليلية، وهي لا تؤذي ولا تضر ولا تحاول أدنى مغالبة إن مسكت أو صيدت، وأهم الوسائل التي تتخذها للهرب سرعتها الغريبة في حفر الحفر في الأرض وصبرها على الاستكنان في الحجر