للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأموال وهذا من جليل التدبير الذي لا يخفي على من هو دون قريش والعرب في الرأي والعقل بطبقات. ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر والخطب الطوال البليغة والقصار الموجزة. ولهم الأسجاع والمزدوج واللفظ المنثور ثم تحدى به أقصاهم بعد أن أظهر عجز أدناهم فمحال أكرمك الله أن يجتمع هؤلاء كلهم على الغلط في الأمر الظاهر والخطأ المكشوف البين مع التقريع والتوقيف على العجز وهم أشد الخلق أنفة وأكثرهم مفاخرة والكلام سيد عملهم وقد احتاجوا إليه والحاجة تبعث على الحيلة في الأمر الغامض فكيف بالظاهر الجليل المنفعة؟ وكما أنه محال أن يطبقوا ثلاثاً وعشرين سنة على الغلط في الأمر الجليل المنفعة، فكذلك محال أن يتركوه وهم يعرفونه ويجدون السبيل إليه وهم يبذلون أكثر منه.

على أن التاريخ لا يخلو من أسماء قوم زعموا أنهم عارضوا القرآن فمنهم من ادعي النبوة وجعل ما يلقيه من ذلك قرآناً كيلا تكون صنعته بلا أداة. . . على أنه لا أتباع له من غير قومه ولا بشايعه من قومه إلا طائفة يستنقرون لأمره ويعطفون عليه جنبات الناس حتى يجمعوا له أخلاطاً وضروباً، وقد تبعوه وشمروا في ذلك حمية وعصبية وحدبا من الطباع على الطباع فهم في غني عن نبوته وقرآنه وإنما رأيهم الخطار بالأنفس والأموال على ما تنزعهم إليه الطبيعة مقاربة لمن قارب صاحبهم ومباعدة لمن باعد وعسى أن يرد عليهم ذلك مغنماً أو ينقلهم من غيرهم أو يجدي عليهم بالعزة والغلبة أو يكون لهم سبيل منه إلى التوئب إن صادفوا غرة وأصابوا مضطرباً إلى غير ذلك مما تزينه المطمعة ويغر به الغرور ويقصد إليه بالسبب الواهي وبالحادث الضئيل وبكل طائفة من الرأي وبغية من الوهم وتستوي فيه الشمال واليمين وتتقدم فيه الرؤوس والأرجل مبادرة لا يدري أيهما حامل وأيهما محمول. . .

ومنهم من تعاطى معارضة القرآن صناعة ظن أنه قادر عليها بضع لسانه منها حيث شاء، وهؤلاء وأولئك لا يتجاوزون في كل أرض دخلها الإسلام من بلاد العرب والعجم إلى اليوم عدد ما تراه من عانة ضئيلة تعرض لك من حمر الوحش فقي جانب البر الواسع ثم تغيب وتسقي الريح على آثارها. وسنعدهم لك عدا لتصدر في هذه الدعوى على روية وتحكم في تاريخ المعارضة عن بينة وتعلم القدر الذي بلغوه أو قيل أنهم يلغوه فإن حصر ذلك وبيانه