ومن قرآنه الذي زعم قوله أخزاه الله: والمبذرات زرعاً، والحاصدات حصداً، والذاريات قمحاً، والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً والخابزات خبزاً، والثاردات ثرداً، واللاقمات لقماً، أهالة وسمناً. . . لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه، والمعتر فآووه والباغي فناوؤره. وقوله: والشاء وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المتذق فما لكم لا تمجعون. . . وقولنه: الفيل ما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له ذنب وبيل، وخرطوم طويل. . . وقال الجاحظ في الحيوان عند الفوز في الضفدع: ولا أدري ما هيج مسيلمة على ذكرها ولم ساء رأيه فيها حتى جعل بزعمه فيما نزل عليه من قرآنه: يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي ما تنقين، نصفك في الماء ونصفك في الطين، لا الماء تكدرين، ولا الشارب تمتعين. . .
وكل كلامه على هذا النمط وأه سخيف لا ينهض ولا يتماسك بل هو مضطرب النسج مبتذل المعنى مستهلك من جهتيه وما كان الرجل من السخف بحثث ترى ولا من الجهل بمعاني الكلام وسوء البصر بمواضعه ولكن لذلك سبباً نحن ذاكروه متى انتهى بنا الكلام إلى موضعه الذي هو أملك به.
[٢] ومنهم عبهلة بن كعب الذي يقال له الأسود العنسي يلقب ذو الخمار لأنه كان يقول يا تيني ذو خمار، وكان رجلاً فصيحاً معروفاً بالكهانة والسجع والخطابة والشعر والنسب وقد تنبأ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخرج باليمن ولا يذكرون له قرآناً كان يزعم أن الوحي ينزل عليه وكان إذا ذهب مذهب التنبؤ كب ثم رفع رأسه وقال: يقول لي كيت وكيت يعني شيطانه، وهذا الأسود كان جباراً وقتل قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة.
[٣] وطليحة بن خويلد الأسدي وكان من أشجع العرب يعد بألف فارس، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد أسد بن خزيمة سنة تسع فأسلموا ثم لما رجعوا تنبأ طليحة وعظم أمره بعد أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يزعم أن ذا النون يأتيه بالوحي (وقيل بل جبريل) ولكنه لم يدع لنفسه قرآناً لأن قومه من الفصحاء ولم يتابعوه إلا عصبية وطلباً لأمر يحسبونه كائناً في العرب من غلبة بعضهم على جماعتهم وإنما كانت له كلمات يزعم أنها أنزلت عليه ولم نظفر منها بغير هذه الكلمة رأيناها في معجم البلدان