للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوروبا خمسة، ومشتاه في حلوان. وهو ذو ثروة متوسطة. وهو من أكبر الأسرات في مديرية المنيا. وجده الماسوف عليه يوسف عبد الشهيد بك. وكان من أقران المرحوم سلطان باشا وشريعي بك.

وبه فرط ولوع بالأسفار. وشدة شغف بالسياحات. ساح في فرنسا وإنجلترا. وإيطاليا والنمسا والمجر وألمانيا وسويسرا وروسيا وزار تركيا واليونان وبلغاريا ورومانيا وهو من المصريين الأفذاذ الفذين قاموا بالسياحة في الجزائر وتونس وإليك صورته وهو في زي المغاربة.

وأنت لو رأيت صاحب الترجمة إذن لرأيت رجلاً حاضر الذهن. قوي الفكر، رقيق الشعور، يخيل إليك أنك تقرأ في أسارير وجهه مكنون سريرته. وأنك لتجد منه استئناساً وتعاين بشراً ورقة وخلابة. فإذا ما سا

أوروبا خمسة، ومشتاه في حلوان. وهو ذو ثروة متوسطة. وهو من أكبر الأسرات في مديرية المنيا. وجده الماسوف عليه يوسف عبد الشهيد بك. وكان من أقران المرحوم سلطان باشا وشريعي بك.

وبه فرط ولوع بالأسفار. وشدة شغف بالسياحات. ساح في فرنسا وإنجلترا. وإيطاليا والنمسا والمجر وألمانيا وسويسرا وروسيا وزار تركيا واليونان وبلغاريا ورومانيا وهو من المصريين الأفذاذ الفذين قاموا بالسياحة في الجزائر وتونس وإليك صورته وهو في زي المغاربة.

وأنت لو رأيت صاحب الترجمة إذن لرأيت رجلاً حاضر الذهن. قوي الفكر، رقيق الشعور، يخيل إليك أنك تقرأ في أسارير وجهه مكنون سريرته. وأنك لتجد منه استئناساً وتعاين بشراً ورقة وخلابة. فإذا ما سايرته وبادلته الرأي وقارضته الحديث يقنت ساعتذاك أنك في حضرة عظيم يضطرك إلى احترام رأيه والتسليم به. وإن تذهب معه المذهب الذي يريد. وقد يبدهك بالحجة. ويبغتك بالبرهان فلا ترى وجهاً لمنازعته القول ولا تفارقه إلا وأنت مطمئن الرأي موفور الإقناع. قوي الفكر. ذلك لأن للقوة عدوى سريعة الظهور. فكل ما يجعلنا أقوياء في الرأي والروح والوجدان يزيد في قوتنا، ويفتح أمامنا أبواب العمل، ويبسط قبالتنا ميدان الفعل. ونحن بني الناس مدينون لكل قلب كبير. وعقل عبقري. ولسان عذب. وروح متقدة. ونحن لا نستمد شيئاً من المجتمعات. وإنما من تلك الأرواح الرقيقة والقلوب الشريفة التي تخرجها لنا القوة الألهية بين عديد ما تخرج في كل يوم من تلك القوالب الإنسانية المعتادة التي لا يفترق بعضها عن بعض إلا في أحجامها وأشكالها واختلاف تركيبها.

وإنه ليتبادر إليك في لغة حديثه إذا أنت جلست إليه معان جمة ما شئت من أدب وعلم وفضل واستمكان وإن من الناس من يحاجك كأنك خصمه فلا يزال يعطيك من صخبه وشدة جدله. حتى تقوم من حضرته وأنت لحديثه كاره ولكن الأناة والتؤدة والقول العذب اللين من شأن الرجل العظيم. وهذا ما نشعر به في حديث صاحب الترجمة وإنك لتصغي إلى قوله وهو يتدفق متدبراً متئداً فيخيل إليك أنه يتناول من ذاكرة حافلة مترعة وليس بمرسل القول للعفو والساعة. وهذه خلة كانت ولا تزال نصيب راجحي العقول موفوري