للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والغلظة والمكر والحيلة لما وجد أجمع لرغباته. وأوعى لطلباته من وجه المستر شرول.

ولم تخطر بين الرجلين كلمة تحية ولا مر بينهما صوت السلام ولا شعاع البصر. ووقف شرول صامتاً مفكراً ينتظر نصيبه من النار ليطبخ طعامه. ولما فرغ السيد من شي فلذاته أتى بها المائدة وأخذ نصف الرغيف وشرع يأكل ولم بلع أول لقمة تنازل لأن ينظر في وجه شرول الذي كان إذ ذاك يجرد نصل سكينه ويدنو من فخذ الشاة المعلق بخطوات ثعلب وعيني ذئب.

فقال ترفرتون وأشار إلى قميص شرول إشارة المندهش المنكر قبحك الله أتلبس قميصاً نظيفاً!

فتصنع شرول الرقة وتكلف الظرف وأظهر أنه حمل كلام ترفرتون أحسن محمل فقال أنا إن لم ألبس لهذا اليوم قميصاً نظيفاً فلا لبسته أبداً. أما تدري يا سيدي أن هذا هو اليوم الذي تستأنف فيه عدد سنيك أبقاك الله لأمثاله بأكمل خير وعافية وعساك حسبت أني ربما نسيت يومك هذا؟ كلا. وما كنت لأفعل.

ولو نسيت نفسي. أبقى لي الله وجهك الحسن الجميل ما عمرك اليوم يا سيدي؟ ألا في سبيل الله عهد طفولتك إذ أنت مشرق الديباجة غض الاهاب مكتنز التنين حاظي البضيع يتلألأ قمر محياك فتبدو نجوم ثغرك وإذ رداؤك ومئزرك قطعة واحدة وفي جيدك طوق زينة تغرد فيه كما سجع في طوقه الهزار. وإذ يحيى بك الأضياف كما يحيون بالريحان وتتهادى الشفاه خدك المنتقب بالشفق كما تتهادى خد الصهباء في نقاب الزجاج. وإذ بين شفتيك من قطعة الحلوى الحمراء شفة ثالثة وإذ ي يدك اللعبة وفي جيوبك البلى! في سبيل الله أو في سبيل الشيطان ذلك العهد وتلك العصور! ثم لا تخش على هذا القميص أن أبليه بكثرة اللبس فإني أريده ليوم جنازتك الذي قد حم أو كاد. أو ليس كذلك؟

فأجاب ترفرتون قائلاً: لا تخسر قميصاً نظيفاً من أجل جنازتي فما تركت لك في تركتي نصيباً ولا ذكرت اسمك في وصيتي. فمتى سير بي إلى القبر سر بك إلى ملجأ المساكين.

فقال شرول متصنعاً شدة الاهتمام والعجب أو قد كتبت وصيتك يا سيدي معذرة أيها الهمام إذا قلت لك أني ما زلت أراك تذعر من هذا الأمر.

فأصاب شرول بكلمته هذه موقع ألم من نفس سيده حتى قرع السيد المائدة ونظر إلى شرول