طريفة. اخترعوا علم الجبر ووضعوا أساسه وقواعده بعدد يوفنتوس. واخترع محمد بن موسى حل المعادلات التي من الدرجة الثانية، واخترع عمر ابن إبراهيم حل المعادلات التي من الدرجة الثالثة. والعرب هم الذين ابتدعوا حساب المثلثات وجعلوه على ما ترى منه اليوم. وتركوه علماً منفصلاً مستقلاً. ووضع ابن موسى المذكور رسالة في حساب المثلثات الدائرية وألف البغدادي رسالة أخرى في مساحة الأرض كانت على نصيب وافر من المتانة والسداد والافتنان حتى قال قوم إنها نسخة منقولة عن كتاب أوقليدس في هذا الموضوع.
ولم يقتصروا في علم الفلك على تأليف الفهارس وإنما وضعوا كذلك مصورات للكواكب والنجوم. وسموا الكبرى منها بالأسامي العربية التي نراها حتى اليوم في كراتنا السماوية. وحققوا حجم الأرض، وحددوا طول السنة وعدد أيامها. وقد عنى الفلكي الكبير لابلاس برسالة لفلكي منهم سماها علم الكواكب. وحلها من الاعتداد محلها. وكذلك لفت لابلاس الأنظار واسترعى اهتمام علماء الفلك إلى الرسالة الخطيرة التي ألفها ابن يونس المصري في عهد الحاكم بأمر الله (سنة ١٠٠٠م) لأنها احتوت كثيراً من دقائق الملاحظات منذ عهد المنصور في الكسوف والخسوف والاعتدال الربيعي والخريفي ومخانس النجوم والبروج والمنازل. وقد توفر الفلكيون من العرب على عمل الآلات الفلكية العديدة. وتركيبها وقياس الزمن بواسطة الساعات المختلفة الأنواع والأشكال. وكانوا كذلك أول من اخترع البندول.
وأما في العلوم العملية فهم أول من وضع مبادئ الكيمياء الحديثة وأول من اخترع حمض النيتريك وحمض السلفيوريك (الكبريت) والكحول. وأول من استعانوا بالكيمياء على تركيب الأدوية. وأول من استعملوا الصيدليات. وأعدوا بها المعدات الكيماوية.
وبعد أن أفاض الدكتور دريبر في بيان نتائج هذه النهضة العلمية والإصلاحلات والاختراعات التي أحدثتها العرب في جميع العلوم ووضعوها اختتم بحثه بهذه الفقرة: قال:
وكذلك كانت تلقن في مدارسهم مذاهبنا الحديثة في النشوء والتطور والارتقاء. بل إنهم ذهبوا بها إلى أبعد ما نذهب نحن فأجروها أيضاً على الأجسام المعدنية والأجسام غير العضوية. واسمع الآن ما يقول الخازني في القرن الثاني عشر من الميلاد.
عندما يسمع العامة من الفلاسفة الطبيعيين إن الذهب جسم بلغ حد الكمال والارتقاء.