والأريحية. فكيف وهو أشعر أهل زمانه. والموفي على أقرانه؟.
روى أبو إسحق الحصري في زهر الآداب قال قال علي بن إبراهيم كاتب مسروق البلخي كنت جالساً بداري فإذا حجارة سقطت بالقرب مني فبادرت هارباً وأمرت الغلام بالصمود إلى السطح والنظر إلى كل ناحية من أين تأتينا الحجارة فقال امرأة من دار ابن الرومي الشاعر قد تشوفت وقالت اتقوا الله فينا واسقونا جرة من ماء وإلا هلكنا فقد مات من عندنا عطشا. فتقدمت إلى امرأة عندنا ذات عقل ومعرفة أن تصعد إليها وتخاطبها ففعلت وبادرت بالجرة وأتبعتها شيئاً من المأكول ثم عادت إلى فقالت: ذكرت المرأة (التي في دار ابن الرومي) أن البيت مقفل عليها من ثلاث بسبب طيرة ابن الرومي فتعجبت من حديثها.
على أن شعره حافل بالشكوى مما لقيه في حياته من أذى الناس وصرف الأيام وعنت الليالي ولو نحن أردنا استقصاء ذلك لاحتجنا أن تنقل أكثر ديوانه ولكنا تجترئ باليسير من ذلك فمنه قوله:
ويح القوافي ما لها سفسفت ... حظي كأني كنت سفسفها
ألم تكن هوجا فسددتها ... ألم تكن عوجاً فتقفها
كم كلمات حكت أبرادها ... وسطها المن وطرفتها
ما أحسنت إن كنت حسنتها ... ما ظرفت إن كنت ظرفتها
أنحت على حظي بمبراتها=شكراً لأني كنت أرهفتها
فرفقته حين وقفتها ... وهفهفته حين هفهفتها
وكتفت دون الغنى سدها ... حتى كأني كنت كنفتها
أحلف بالله لقد أصبحت ... في الرزق أفتني وما إفتها
لم أشكها قط بتقصيره ... فيها ولا من حيفة حفتها
حرمت في سني وفي ميمتي ... قراى من دنيا تضيفتها
لهفي على الدنيا وهل لهفة ... تتصف منها أن تلهفتها
كم آهة لي قد تأوهتها ... فيها ومن أف تأففتها
أغدو ولا حال تسنمتها ... فيها ولا حال تردفتها
أوسعتها صبراً على لؤمها ... إذا تقصته تطرقتها