للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروحاً، إذ كانت والدة أحمد محمود الكبير، أخت والدة سعد باشا وأخيه الفقيد العظيم، وللاختان ثلاث أخوات كلهن منجبات، يتخلل دماءهن عنصر ذلك الذكاء الفطري الخالص، الذي لم تشبه أدني شائبة من الضعف الشائع في نسل أهل المدن، ذاك لأن الذكاء القروي هو ذكاء الطبيعة النقي، يعيش في أحضانها، ويدرج في حجرها، ومن ثم ترى له جلالها، وتشهد فيه قوتها، يأخذ من نقاء هوائها نقاءها ومن رقة نسائمها رقته.

ولد صاحب الترجمة عام ١٨٧٠ في الرحمانية وتوفي والده المرحوم أحمد محمود عام ١٩٠٤ وهو ابن علي محمود بن الحاج علي محمود الملقب بسلطان ترك. أعطاه هذا اللقب نابوليون الأول، يوم جاء إلى مصر بخيله ورجله، وتنتمي هذه الأسرة العظيمة إلى قبيلة اللحامدة، المقيمة في صفرة والجديدة.

فلما شب المترجم به عن الطوق، دفع إلى مكتب البلد فلبث فيه أياماً. يقرأ القرآن. ويتعلم مبادئ الكتابة والقراءة. ثم دخل مدرسة للفرير. برمل الإسكندرية. فقضى بها أربع سنين. انتقل بعدها إلى مدرسة الفرير الأخرى. وكانت في نفس الإسكندرية. وجاء القاهرة بعد ذلك فالتق بمدرسة المعلمين التوفيقية. ومكث يتلقى العلم بها حتى السنة الثالثة التجهيزية. وبذلك أخذ قسطاً غير صغير من برامج المدارس. ونال حظاً غير قليل من مختلف العلوم. إذا اجتمع إلى ذكائه القوي بطبيعته. كان منه ثروة كبرى للذهن. لأن الذكاء يستطيع أن يجعل من مبادئ العلوم كل أجزائها وأصولها وفروعها، ولا تجد العلم يستطيع. وأن زادا أو كبر - أن يخلق من الذكاء شيئاً.

ولم يلبث أن خرج إلى الحياة العملية، وذلك شأن الأذكياء منذ نشأتهم، فاختير في حياة والده، عضواً في مجلس المديرية تسع سنين، ثم انتخب عضواً كذلك في لجان الشياخات وتأديب العمد تسع سنين مثلها، ثم جعل عمدة على بلده، ولما كانت سنة ١٩٠١ أنعم عليه سمو الجناب العالي بالرتبة الثالثة مع لقب بك، ثم أنعم عليه بعد سنتين بالرتبة الثانية، وفي سنة ١٩٠٤ برتبة المتمايز، وقد نال في العام المنصرم من سمو أمير البلاد رتبة المير ميران، وظفر في الانتخاب لعضوية الجمعية التشريعية عن دائرة شبرا خيت.

والمترجم به فوق ذلك من نوابغ الزراعيين، فقد زاد ثروة أبيه الطائلة نيفاً وسبعمائة فدان، وتلك لعمري أسوة حسنة، يجب أن يضعها المصريون قبالة أعينهم، لأن للزراعة في هذا