أبيات لم يجلبها غير لسانها. ولا رقم برذيها غير إحسانها ولقد رأيت المؤرخين من أهل بلادنا وهي الأندلس أثبتوها لها قبل أن يخرج المنازي من العدم إلى الوجود، ويتصف بلفظة الموجود.
ومن أديبات الأندلس نزهون الغرناطية من أهل المائة الخامسة وصفها صاحب المسهب بخفة الروح والانطباع الزائد والحلاوة وحفظ الشعر والمعرفة بضرب الامثال مع الجمال الفائق والحسن الرائق حكى أنها كانت تقرأ علي أبن بكر المخزومي الأعمى فدخل عليهما أبو بكر الكتندي فقال يخاطب المخزومي.
لو كنت تبصر من تجالسه
فأفحم وأطال الفطر فما وجد شيئاً فقالت نزهون:
لندوت أخرس من خلاخله:
البدر يطلع من أزرته ... والغصن يمرح في غلائله
ومن شعرها:
لله در الليالي ما أحيسنها ... وما احيسن منها ليلة الأحد
لو كنت حاضرنا فيها وقد غفلت ... عين الرقيب فلم تنظر إلى أحد
أبصرت شمس الضحى في ساعدي قمر ... بل ريم خازمة في ساعدي أسد
ولها نوادر مع كثير من أدباء الأندلس لا يتسع لها هذا المقال.
ومنهن عائشة بنت أحمد القرطبية، قال ابن حيان: لم يكن في زمانها من حرائر الأندلس من يعد لها علماً وفهماً وأدباً وشعراً وفصاحة تمدح ملوك الأندلس وتخاطبهم بما يعرض لها من حاج وكانت حسنة الخط تكتب المصاحف، وماتت عذراء لم يمسها أحد سنة أربعمائة: وقال ابن سعيد في المغرب إنها من عجائب زمانها، وغرائب أوانها، وأبو عبد الله الطبيب عمها ولو قيل أنها أشعر منه لجاز، دخلت على المظفر بن المنصور بن أبي عامر وبين يديه ولد فارتجلت: